الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ لِّتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمُ ٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ }

قيل في التشبيه في قوله { كذلك أرسلناك } وجهان:

احدهما - قال الحسن والجبائي: إِن المعنى إِنا ارسلناك كما أرسلنا الأنبياء قبلك.

وقال قوم: ان المعنى إِن النعمة على من أرسلناك اليه، كالنعمة على من تقدم ذكره بالثواب في { حسن مآب } , والمعنى إِنا ارسلناك يا محمد { في أمّة } قد مضت { من قبلها أمم } وغرضي ان تتلوا أي تقرأ عليهم ما { أوحينا إليك } من الأمر والنهي والوعد والوعيد.

والارسال تحميل الرسول الرسالة، فرسول الله قد حمله الله رسالة الى عباده، فيها أمره ونهيه وبيان ما يريده وما يكرهه. والأمّة الجماعة الكثيرة من الحيوان التي ترجع الى معنى خاص لها دون غيره، فمن ذلك أمة موسى، وأمة عيسى، وأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك كل جنس من أجناس الحيوان أمة، لاختصاصها بمعنى جنسها، فعلى هذا العرب أمة، والترك أمة، والزنج أمة، و (الخلو) مضي الشيء بنقيضه على تجرد مما كان عليه، كأنه ينفيه دون احواله التي كان عليها، فقد انفرد عنها. و (التلاوة) جعل الثاني يلي الأول بعده بلا فصل. والتلاوة والقراءة واحد.

وقوله { وهم يكفرون بالرحمن } إِنما قال { بالرحمن } دون { الله } لان اهل الجاهلية من قريش، قالوا الله نعرفه، والرحمن لا نعرفه. وكذلك قالواوما الرحمن أنسجد لما تأمرنا } وقالقل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى } وهو قول الحسن، وقتادة.

ثم أمر الله تعالى نبيه ان يقول لهم { هو } يعني الرحمن { ربي } أي خالقي ومدبري { لا إِله إِلا هو } ليس لي إِله ولا معبود سواه { عليه توكلت } أي وثقت به في تدبيره وحسن اختياره. والتوكل التوثيق في تدبير النفس بردّه الى الله { وإِليه متاب } أي الى الله الرحمن توبتي وهو الندم على ما سلف من الخطيئة مع العزم على ترك المعاودة الى مثله في القبح، والمتاب والتوبة مصدران، يقال: تاب يتوب توبة ومتاباً.