الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ }

حكى الله تعالى في هذه الآية عن الكفار الذين وصفهم انهم يقولون { لولا أنزل } على محمد { آية } يعني علامة ومعجزة. والمعنى هلا انزل عليه آية من ربه يقترحونها، ويعلمون انها انزلت من ربه، وذلك لما لم يستدلوا، فيعلموا مدلول الآيات التي اتى بها لم يعتدوا بتلك الآيات، فقالوا هذا القول جهلاً منهم بها، فأمر الله نبيه ان يقول لهم { إن الله يضل من يشاء } بمعنى انه يحكم على من يشاء بالضلال اذا ضل عن طريق الحق، ويجوز ان يكون المراد { يضل من يشاء } عن طريق الجنة بسوء أفعالهم وعظم معاصيهم، ولا يجوز ان يريد بذلك الاضلال عن الحق، لان ذلك سفه لا يفعله الله تعالى.

وقوله { ويهدي إليه من أناب } اي يحكم لمن رجع الى طاعة الله والعمل بها بالجنة ويهديه اليها. والهداية الدلالة التي تؤدي الى طريق الرشد بدلاً من طريق الغي، والمراد بها - ها هنا - الحكم له بسلوك طريق الجنة رفعاً لقدره، ومدحاً لصاحبه. والاضلال العدول بالمارّ عن طريق النجاة الى طريق الهلاك، والمراد - ها هنا - الحكم له بالعدول عن طريق الجنة وسلوك طريق النار، والإنابة الرجوع الى الحق بالتوبة، يقال: ناب ينوب نوبة اذا رجع مرة بعد مرة.