الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُوۤاْ أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي قَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَآ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ }

قرأ ابن كثير وابو جعفر " انك " بهمزة واحدة على الخبر. الباقون بهمزتين، وحققهما ابن عامر، وأهل الكوفة، وروح، إلا ان الحلواني عن هشام فصل بينهما بألف. الباقون يخففون الأولى ويلينون الثانية. وفصل بينهما بألف نافع إلا ورشاً وابو عمرو. قال ابو علي: الاجود الاستفهام لقوله { قال أنا يوسف } وهذا جواب الاستفهام، ومن قرأ على الخبر أراد الاستفهام، وحذف حرف الاستفهام كما حكى ابو الحسن في قولهوتلك نعمة تمنها علي } ومعناه اي تلك نعمة، وحذف حرف الاستفهام.

هذا حكاية ما قال اخوة يوسف له حين قال لهم { هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه } فانهم قالوا حينئذ له { أئنك لأنت يوسف } على وجه الاستفهام له، فانهم تنبهوا واستيقظوا غير انهم لم يقطعوا به، فاستفهموه.

وقال الزجاج يجوز في { أئنك } اربعة اوجه في العربية:

تحقيق الهمزتين، وهو مذهب اهل الكوفة واهل الشام.

الثاني - ادخال الألف بين الهمزتين (آإنك) وهو مذهب هشام ابن عمار عن ابن عامر.

الثالث - تليين الثانية بان يجعل بين بين أينك، وهو مذهب أبي عمرو، وابن كثير ونافع.

الرابع - بهمزة واحدة على الخبر.

فقال يوسف مجيباً لهم { أنا يوسف وهذا أخي } يعني ابن يامين - من أبي وأمي { قد منّ الله علينا } أي انعم علينا بنعمة قطعتنا عن حال الشدّة يقال: منّ الله عليه يمن منّاً، واصله القطع من قولهلهم أجر غير ممنون } أي غير مقطوع، ومنه منّ عليه في الصنيعة اذا ذكرها بما يجري مجري التعيير بها، لانه قاطع عن شكرها. والمنون الموت، لانه يقطع عن تصرف الاحياء. ثم أخبر يوسف فقال إنه من يتق الله باجتناب معاصيه، وفعل طاعاته ويصبر على بليته ويتجرع مرارة المنع، لما يشتهي من الأمر { فإن الله لا يضيع أجر المحسنين } اي لا يذهب بثوابهم. والاضاعة هو الاهلاك وهو إذهاب الشيء بحيث لا يدري الطالب له اين هو. والأجر ما يستحق على العمل الصالح من الثواب، ومنه الاجارة. وتقول: آجره الله يآجره أجراً، والاحسان فعل حسن يستحق به الحمد.

وحكى ابن كثير انه قرأ { من يتقي } بالياء في الوصل. والوجه فيه ان يجعل (من) بمعنى (الذي) فيكون (يتقي) في موضع رفع، ويكون قوله { ويصبر } حذف الحركة استخفافاً، او جملة على الموضع، كما قال { فأصدق وأكن من } ولا يجوز ان يكون مثل قول الشاعر:
ألم يأتيك، والابناء تنمي   
لان ذلك يجوز في الشعر، والاجود قول من قرأ بحذف الياء.