الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

هذا اخبار عما قال يوسف على وجه التواضع لله لست أبريء نفسي من السوء، والتبرئة ازالة الشيء عما كان لازماً له، لان النفس امارة بالسوء اي تنازع الى السوء، فلست ابرىء نفسي من ذلك، وان كنت لا اطاوعها فيما نازعت اليه، والأمّارة الكثيرة الامر بالشيء، والنفس بهذه المنزلة لكثرة ما تشتهيه وتنازع اليه مما يقع الفعل لأجله، وهذا مجاز في الاصل غير انه كثر استعماله في العرف، فيقال نفسي تأمرني بكذا وتدعوني الى كذا من جهة شهوتي له، والا فلا يصح ان تأمر الانسان نفسه، لانه يقتضي الرتبة، لانه قول القائل لمن دونه (افعل) وذلك لا يصح بين الانسان وبين نفسه، واكثر المفسرين على ان هذا من قول يوسف. وقال ابو علي الجبائي هو من كلام المرأة.

وقوله { إلا ما رحم ربي } استثناء من الانفس التي يرحمها الله، فلا تدعو الى القبيح، بان يفعل معها من الالطاف ما تنصرف عن ذلك.

وقوله { إن ربي غفور رحيم } تمام الحكاية عن قائل ذلك انه اعترف بان الله تعال غفور رحيم اي ساتر عليهم ذنوبهم رحيم بهم بان يعفو عنهم ويقبل توبتهم.