الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ ٱلْخَائِنِينَ }

اختلفوا في من هذا الكلام حكاية عنه؟ فقال اكثر المفسرين كالحسن ومجاهد وقتادة والضحاك: انه من قول يوسف { ذلك } يعني ذلك الامر من فعلي من ردّ الرسول ليعلم العزيز اني لم اخنه بالغيب، وقطع الحكاية عن المرأة، وجاز ذلك لظهور الكلام الدال على ذلك، كما قال { وكذلك يفعلون } وقبله حكاية عن المرأةوجعلوا أعزة أهلها أذلة } وكما قال { فماذا تأمرون } ومثله حكاية قول الملأيريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره } وقال الجبائي والبلخي: انه من قول المرأة. والمعنى ان اعترافي على نفسي بذلك ليعلم يوسف اني لم اخنه بالغيب، لان العزيز سألها ولم يكن يوسف حاضراً وكلا الأمرين جائز ان، والاول أشبه، والخيانة مخالفة الحق بنقض العهد في السر، وضد الخيانة الامانة، وهي تأدية الحق على ما وقع به العقد. والفرق بين الخيانة والغدر أن الخيانة تكون على وجه السر والغدر نقض العهد بخلاف الحق جهراً، والكيد الاحتيال في ايصال الضرر الى صاحبه، كاده يكيده كيداً، فهو كائد.

واللام في قوله { ليعلم } لام (كي) ومعناها تعليق ما دخلت عليه بالفعل الذي قبله، بمعنى انه وقع من اجله، وانما يتعلق بذلك الارادة. وقوله { وأن الله لا يهدي كيد الخائنين } اي لا يدعوهم اليها ولا يرغبهم فيها وانما يفعلونها بسوء اختيارهم.