الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَآءً سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

وهذا تمام ما قال يوسف للكفار الذين يعبدون غير الله، فقال لهم لستم تعبدون من دون الله إلا أسماء سميتموها. وقيل في معناه قولان:

احدهما - انه لما كانت الاسماء التي سموا بها آلهتهم لا تصح معانيها صارت كأنها اسماء فارغة يرجعون في عبادتهم اليها فكأنهم إنما يعبدون الاسماء، لأنه لا يصح معاني يصح لها من إله ورب.

الثاني - إلا اصحاب أسماء سميتموها لا حقيقة لها، والعبادة هي الاعتراف بالنعمة مع ضرب من الخضوع في أعلى الرتبة، ولذلك لا يستحقها إلا الله تعالى

وقوله { ما أنزل الله بها من سلطان } أي لم ينزل الله على صحة ما تدعونه حجة، ولا برهاناً فهي باطلة لهذه العلة، لانها لو كانت صحيحة، لكان عليها دليل.

وقوله { إن الحكم إلا لله } معناه ليس الحكم إلا لله فيما فعله او أمر به، والحكم فصل المعنى بما تدعو إليه الحكمة من صواب او خطأ. والأمر قول القائل لمن دونه (افعل) والصحيح انه يقتضي الايجاب. وقوله { أمر أن لا تعبدوا إلا إياه } معناه أمر أن تعبدوه، وكره منكم عبادة غيره، لان الأمر لا يتعلق بأن لا يكون الشيء، لانه انما يكون أمراً بارادة المأمور والارادة لا تتعلق الا بحدوث الشيء.

وقوله { وذلك الدين القيم } معناه ان الذي أمر به من عبادته وحده، وان لا يشرك به شيء هو { الدين القيم } المستقيم الصواب، ولكن اكثر الناس لا يعلمون صحة ما اقوله، لعدولهم عن الحق، والنظر والاستدلال.