الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّيۤ أَرَانِيۤ أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ ٱلآخَرُ إِنِّي أَرَانِيۤ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ }

وفي الآية تقدير فسجن يوسف، ودخل معه فتيان يعني شابّان. والفتى الشاب القوي قال الشاعر:
ياعزّ هل لك في شيخ فتى ابداً   وقد يكون شباب غير فتيان
وقال الزجاج: كانوا يسمون المملوك فتى، شيخاً كان او شاباً. والفتيان قال السدي وقتادة: كانا غلامي ملك مصر الأكبر أحدهما صاحب شرابه والآخر صاحب طعامه، فنمي اليه ان صاحب طعامه يريد ان يسمَّه. وظن ان الآخر ساعده ومالأه على ذلك.

وقوله { قال أحدهما } يعني احد الفتيين ليوسف: { إني أراني أعصر خمراً } من رؤيا المنام، والخمر عصير العنب اذا كان فيه الشدة والتقدير اعصر العنب للخمر، وقال الضحاك: هي لغة، تسمي العنب خمراً ذكر جماعة انها لغة عمان. وقال الزجاج: تقديره عنب الخمر.

وقوله { وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً } فالحمل رفع الشيء بعماد، يقال: حمل يحمل حملا، واحتمل احتمالاً، وتحمَّل تحمُّلاً، وحمَّله تحميلا. و (الخبز) معروف { تأكل الطير منه } وقوله { نبِّئنا بتأويله } اي اخبرنا بتأويل رؤيانا { إنَّا نراك من المحسنين } معناه انَّا نعلمك او نظنك ممن يعرف تأويل الرؤيا. ومن ذلك قول علي (ع) (قيمة كل ما يحسنه) اي ما يعرفه. والاحسان النفع الواصل الى الغير اذا وقع على وجه يستحق به الحمد واذا اختصرت فقلت هو النفع الذي يستحق عليه الحمد جاز، لان ما يفعله الانسان لايسمى احساناً. وقيل انه كان يداوي مريضهم ويعزّي حزينهم ويجتهد في عبادة ربه. وقال الزجاج: كان يعين المظلوم وينصر الضعيف ويعود المريض. وقيل { من المحسنين } في عبارة الرؤيا، لانه كان يعبَّر لغيرهم، فيحسن. ذكره الجبائي.