الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

أخبر الله تعالى ان في قصص الامم الماضين التي ذكرها دلالة لذوي العقول على تصديق الرسل وان ما أخبرناك به لم يكن حديثاً كذباً. والحديث الاخبار عن حوادث الزمان وتسميته بأنه حديث يدل على انه حادث، لان القديم لا يكون حديثاً، والافتراء القطع بالمعنى على خلاف ما هو به وأصله القطع من قولهم قريت الاديم فرياً إذا قطعته، ووجه الاعتبار بتلك القصص ان الذي قدر على إعزاز يوسف بعد القائه في الجب واعلائه بعد حبسه في السجن وتمليكه مصر بعد ان كان كبعض أهلها في حكم العبيد وجمعه بينه وبين والديه وإخوته على ما أحبوا بعد مدة طويلة وشقة بعيدة لقادر ان يعز محمد صلى الله عليه وسلم، ويعلي كلمته وينصره على من عاداه.

وقوله { ولكن تصديق الذي بين يديه } معناه تصديق الكتب التي قبله من التوارة، والانجيل وغيرهما من كتب الله في قول الحسن وقتادة. وانما قيل لما قبله: بين يديه، لانه قد وجد فكأنه حاضر له، وقيل بين يديه، لانه قريب منه كقرب ما كان بين يدي الانسان. وإنما قال { وتفصيل كل شيء } على وجه المبالغة من حيث كان فيه تفصيل كل شيء يحتاج اليه في أمور الدين من الحلال والحرام والحجاج والاعتبار والوعظ والازجار، أما جملة او تفصيلاً. و { هدى ورحمة } فالهداية الدلالة { لقوم يؤمنون } اي يصدقون بها وينتفعون بالنظر فيها وخص المؤمنين بالهداية وإن كانت هداية لغيرهم من حيث انهم انتفعوا هم بها دون غيرهم، ونصب تصديق على تقدير، ولكن كان تصديق الذي باضمار كان على قول الزجاج.