الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ }

كلهم قرأ { تأمنا } بفتح الميم وادغام النون الأولى في الثانية، والاشارة الى اعراب النون المدغمة بالضم اتفاقاً، قال ابو علي وجه ذلك ان الحرف المدغم بمنزلة الموقوف عليه من حيث جمعهما السكون، فمن حيث اشموا الحرف الموقوف عليه إذا كان مرفوعاً في الادراج اشموا النون المدغمة في { تأمنا } وليس ذلك بصوت خارج الى اللفظ، وانما هي هيئة العضو لاخراج ذلك الصوت به ليعلم بذلك أنه يريد ذلك المتهيأ له.

حكى الله تعالى عن أخوة يوسف لما تآمروا على ما يفعلونه بيوسف أنهم، قالوا لأبيهم لم { لا تأمنا على يوسف } قال الزجاج: يجوز في { تأمنا } أربعة أوجه: تأمننا بالاظهار ورفع النون الأولى، لان النونين من كلمة، و { تأمنا } بالادغام وهي قراءة القراء لالتقاء المثلين، و { تأمنا } بالادغام والاشمام، وهو الذي حكاه ابن مجاهد عن الفراء، للاشعار بالضمة، و { تئمنا } بكسر التاء وهي قراءة يحيى ابن وثاب، لأن ماضيه فعل، كما قالوا تعلم ونعلم إلا ان القراءة بالادغام والاشمام. والأمن سكون النفس الى إنتفاء الشرّ، وضده الخوف، وهو انزعاج النفس لما يتوقع من الضر. وقوله { وإنا له لناصحون } تمام الحكاية عنهم أنهم قالوا إنا ليوسف لناصحون مشفقون عليه. والنصح إخلاص العمل من فساد يتعمد. ونقيضه الغش. والنصح في التوبة اخلاصها مما يفسدها. وذلك واجب فيها وهي التوبة النصوح.