الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ }

هذا اخبار من الله تعالى وخطاب لنبيه صلى الله عليه وسلم انك يا محمد لست تسألهم يعني أمّته الذين بعث اليهم على ما يعرفهم به من اخبار الماضين اجراً، ولا جزاء في مقابلته. وليس ذلك إلا ذكر للعالمين. والسؤال قول القائل لمن هو فوقه (افعل) اذا كان سؤال طلب ودعاء، وان كان سؤال استخبار، فهو طلب الاخبار بادلته، والاجر جزاء العمل بالخير يقال: آجره الله يآجره أجراً إذا جازاه بالخير، ويدعا به، يقال: آجرك الله. والذكر حضور المعنى للنفس، وهو ضد السهو. وقد يقال للقول الذي يحضر المعنى للنفس ذكر. و (العالم) جماعة الحيوان الكثيرة التي من شأنها ان تعلم، لانه مأخوذ من العلم، ومنه معنى التكثير، وفي عرف المتكلمين عبارة عن الفلك وما حواه عن طريق التبع للحيوان الذي ينتفع به، وهو مجعول لأجله. ومعنى الآية إنك لست تسألهم على ابلاغك إياهم ما اوحى الله به اليك، ولا على ما تدعوهم اليه من الايمان اجراً، فيكون تركهم لذلك إشفاقاً من إعطاء الاجر، بل هم يزهدون في الحق مع أمنهم من اعطاء الأجر، وليس ما تؤديه اليهم من القرآن، وجميع ما ينزله الله من الاحكام { إلا ذكر للعالمين } اي طريق الى العلم بما أوجب الله عليهم، فذكر الدليل طريق الى العلم بالمدلول عليه. والفكر سبب مولد له، فالذكر سبب مؤد، والفكر سبب مولد. ويحتمل ان يكون المراد ليس هذا القرآن الا شرفاً للعالمين لو قبلوه وعملوا بما فيه.