الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ }

هذا خطاب من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم انه قال له { ذلك } يعنى الذي أخبرناك به من أخبار ما يعظم شأنه، لأن الأنباء هي الاخبار بما له شأن. ومنه قولهم: لهذا نبأ اي شأن عظيم. و { الغيب } ذهاب الشيء عن الحس، ومنهعالم الغيب والشهادة } اي عالم بما غاب عن الحواس، وبما حضرها { نوحيه إليك } اي نلقيه. والايحاء إنهاء المعنى الى النفس، فقد أفهم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم تلك المعاني بانزال الملك بها عليه.

وقوله { وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم } اي لم تحضرهم حين عزموا على أمورهم. وإجماع الأمر هو اجتماع الرأي على الامر بالعزم عليه. والمكر: فتل الحيل عن الأمر، واصل المكر من قولهم: ساق ممكورة اي مفتولة. ومثله الخديعة، وكان مكرهم بيوسف إِلقاؤهم إِياه في غيابت الجب - في قول ابن عباس والحسن وقتادة - وقال الجبائي: كان مكرهم احتيالهم في امر يوسف حين القوه في الجب. وانما قال ذلك لنبيه، لأنه لم يكن ممن قرأ الكتب ولا خالط أهلها وإنما اعلمه الله تعالى ذلك بوحي من جهته ليدل بذلك على نبوته، وانه صادق على الله تعالى.