الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } * { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } * { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } * { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }

قرأ ابو عمرو - فى رواية هارون عنه - { أحد الله الصمد } بغير تنوين فى الوصل. وقرأ فى رواية نصر عن أبيه واحمد بن موسى عنه بالتنوين، وجه ترك التنوين أنه ينوى به الوقف، لأنه رأس آية مع انه قد يحذف التنوين لالتقاء الساكنين، والوجه تحريكه، قال الشاعر:
فالفتيه غير مستعتب   ولا ذاكر الله إلا قليلا
وقرأ { كفؤاً } بسكون الفاء - مهموزاً - حمزة ونافع على خلاف عن نافع. الباقون بضم الفاء مهموزاً. وإنما قال فى أوائل هذه السور { قل } وهي أوامر من الله تعالى، لان المعنى قال لي جبرائيل { قل هو الله أحد } فحكى النبي صلى الله عليه وآله ما قيل له. وقيل لسورة الاخلاص وقل يا ايها الكافرون (المقشقشتان) ومعناهما المبرئتان من الكفر والنفاق، كما يقشقش الهناء الجرب.

وهذا امر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله ان يقول لجميع المكلفين { هو الله } الذي نحق له العبادة { أحد } ومعناه واحد، فقوله { هو } كناية عن اسم الرب، لانهم قالوا ما ربك؟ قال هو الله احد. وقال الكسائي { هو } عماد، وقوله { الله } ابتداء، وخبره { أحد } وانكر الفراء أن يكون العماد مستأنفاً، واصل { أحد } وحد فقلبت الواو همزة، كما قيل: وناه وأناه، لان الواو مكروهة اولا، وقد جاء وحد على الاصل قال الشاعر:
كأن رجلي وقد زال النهار بنا   بذي الجليل على مستأنس وحد
وحقيقة الوحد شيء لا ينقسم فى نفسه أو معنى صفته، فاذا أطلق احد من غير تقدم موصوف، فهو احد نفسه، فاذا جرى على موصوف، فهو احد فى معنى صفته، فاذا قيل: الجزء الذي لا يتجزأ واحد، فهو واحد فى معنى صفته، وإذا وصف تعالى بأنه احد، فمعناه أنه المختص بصفات لا يشاركه فيها غيره: من كونه قديماً وقادراً لنفسه وعالماً وحياً وموجوداً كذلك، وأنه تحق له العبادة لا تجوز لأحد سواه. ولا يجوز أن يكون { أحد } هذه هي التي تقع فى النفي، لأنها اعم العام على الجملة أحد، والتفصيل، فلا يصلح ذلك في الايجاب، كقولك ما فى الدار احد أي ما فيها واحد فقط ولا اكثر، ويستحيل هذا فى الايجاب، وفى قوله { الله أحد } دليل فساد مذهب المجسمة، لأن الجسم ليس بـ { أحد } إذ هو اجزاء كثيرة، وقد دل الله بهذا القول على أنه احد، فصح انه ليس بجسم.

وقوله { الله الصمد } معناه الذي تحق له العبادة هو الموصوف بأنه { الصمد } وقيل: فى معناه قولان:

احدهما - قال ابن عباس وشقيق وابو وائل: إنه السيد المعظم، كما قال الاسدي:
الابكر الناعي بخيري بني أسد   بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
وقال الزبرقان:
ولا رهينة إلا السيد الصمد   

السابقالتالي
2