الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ }

شبه الله تعالى هلاك قوم شعيب وانقطاع آثارهم منها بحالهم لو لم يكونوا فيها يقال: غنى بالمكان إذا اقام به على وجه الاستغناء به عن غيره. واتخاذه وطناً ومأوى يأوي اليه، ولذلك قيل للمنازل المغاني، وانما شبه حالهم بحال ثمود خاصة، لانهم أهلكوا بالصيحة كما اهلكت ثمود مثل ذلك مع الرجفة.

وقوله { ألا بعداً لمدين } دعاء عليهم بانتفاء الرحمة عنهم كما أهلك الله تعالى ثمود، فلم يرحمهم، وجعل انتفاء الرحمة بعداً من الرحمة، لانه أظهر فيما يتصور, فكأنهم يرونها حسرة لانها لا تصل اليهم منها منفعة لما يحصلون عليه من مضرة الحسرة، و (كأن) هذه يحتمل ان تكون مخففة من الثقيلة على ان يضمر فيها، كالاضمار في (ان) من قولهوآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } ويجوز ان تكون (ان) التي تنصب الفعل بمعنى المصدر. وبعدت وبعُدت بالكسر والضم لغتان. وكانت العرب تذهب بالرفع الى التباعد، وبالكسر الى الدعاء، وهما واحد. وقرأ ابو عبد الرحمن السلمي كما بعدت بضم العين. والآخر بعداً فنصب على المصدر، وتقديره ألا أهلكهم الله فبعدوا بعداً.