الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَئِنْ أَذَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ }

أقسم الله تعالى في هذه الاية انه لو احل تعالى بالانسان رحمة من عنده يعني ما يفعله الله تعالى بهم في الدنيا من الارزاق، فانه يعم بها خلقه كافرهم ومؤمنهم. ثم نزعها منه وسلبها، وسمى احلال اللذات بهم اذاقة تشبيهاً ومجازاً، لان الذوق في الحقيقة تناول الشيء بالفم لادراك الطعم، والانسان حيوان على الصورة الانسانية لأن الصورة الانسانية بانفرادها قد تكون للتمثال ولا يكون انساناً فاذا اجتمعت الحيوانية والصورة لشيء فهو انسان. قال الرماني: وكلما لا حياة فيه فليس بانسان كالشعر والظفر وغيرهما. والنزع رفع الشيء عن غيره مما كان مشابكا له، والنزع والقلع والكشط نظائر. واليأس القطع بأن الشيء لا يكون وهو ضد الرجاء ويؤوس كثير اليأس من رحمة الله وهذه صفة ذم، لانه لا يكون كذلك الا للجهل بسعة رحمة الله التي تقتضي قوة الأمل. وفائدة الآية الاخبار عن سوء خلق الانسان وقنوطه من الرحمة عند نزول الشدة وأنه إذا أنعم عليه بنعمة لم يشكره عليها وإذا سلبها منه يئس من رحمة الله وكفر نعمه، وهو مصروف إلى الكفار الذين هذه صفتهم.