الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ }

هذا إخبار من الله تعالى عن حال ابراهيم، وصفه بانه كان اوّاها. وقيل في معناه ثلاثة اقوال:

احدها - قال الحسن: الاوّاه الرحيم. وقال مجاهد هو الرّجاع، وقال الفراء: هو كثير الدعاء.

وقال قوم: هو المتأوه. وقال قوم: هو الرّجاع المتأوه خوفاً من العقاب، ولمثل ذلك حصل له الامان لتمكين الاسباب الصارفة عن العصيان. و (الحليم) هو الذي يمهل صاحب الذنب، فلا يعاجله بالعقوبة.

وقيل: كان ابراهيم ذا احتمال لمن آذاه وخنى عليه لا يتسرع الى المكافأة، وان قوي عليه. والاناة السكون عند الحال المزعجة عن المبادرة، وكذلك التأني: التسكن عند الحال المزعجة من الغضب، ويوصف الله تعالى بانه حليم من حيث لا يعاجل العصاة بالعقاب الذي يستحقونه لعلمه بما في العجلة من صفة النقص.

و (المنيب) هو الراجع الى الطاعة عند الحال الصارفة، ومنه قولهوأنيبوا إلى ربكم } والتوبة الانابة، لانها رجوع الى حال الطاعة، وكون ابراهيم منيباً الى طاعة الله لا يدل على انه كان عاصياً قبل ذلك، بل انه يفيد أنه كان يرجع الى طاعته في المستقبل، وان كان على طاعته أيضاً فيما مضى، وقال ابو علي: كان يرجع الى الله في جميع أموره ويتوكل عليه.