قرأ ابن عباس وحمزة وحفص ويعقوب { فبشرناها } بنصب الباء. الباقون بالرفع. قال ابو علي من رفع فباحد امرين: احدها بالابتداء، والآخر بالظرف على مذهب من رفع وذلك بين. ومن فتح احتمل ثلاثة اشياء: احدها - ان يكون في موضع جر والمعنى فبشرناها باسحاق ويعقوب، وقال ابو الحسن: وهو قوي في المعنى، لانها قد بشرت به قال وفي اعمالها ضعف، لانك فصلت بين الجار والمجرور بالظرف كما لا يجوز مررت بزيد في الدار والبيت عمرو. وقال الرماني لا يجوز ذلك لانه يجب منه العطف على عاملين، وذلك لا يجوز، لأَنه أضعف من العامل الذي قام مقامه وهو لا يجر ولا ينصب. الثاني - بحمله على موضع الجار والمجرور كقول الشاعر:
اذا ما تلاقينا من اليوم او غدا
وكقراءة من قرأ { حوراً عيناً } بعد قوله { يطاف عليهم } بكذا ومثله قوله:
فلسنا بالجبال ولا الحديدا
وكقول الشاعر:
جئني بمثل بني بدر لقومهم
او مثل اسرة منظور بن سيار
اوعامر بن طفيل في مراكبه
او حارثاً حين نادى القوم يا جار
فنصب (عامراً) و (حارثاً) كأنه قال او جئتي بعامر فلما اسقط حرف الجر نصب. الثالث - أن تحمله على فعل مضمر، كأنه قال فبشرناه باسحاق، ووهبنا له يعقوب. قال ابو علي الفارسي: والوجه الاول نص سيبويه في فتح مثله نحو مررت بزيد اول امس وأمس عمرو، وكذلك قال ابو الحسن قال: لو قلت مررت بزيد اليوم وامس عمرو، كان حسناً ولم يحسن الحمل على الموضع على حد مررب بزيد وعمراً، فالفصل فيها ايضا قبيح كما قبح الحمل على الجار وغير الجار، فهذا في القياس مثل الجار في القبح لأن الفعل يصل بحرف العطف وحرف العطف هو الذي يشرك في الفعل، وبه يصل الفعل الى المفعول به، كما يصل الجار فاذا قبح الامران وجب أن تحمل قراءة من قرأ بالنصب على تقدير فعل آخر مضمر يدل عليه (بشرنا). وقيل في معنى قوله { وامرأته قائمة } ثلاثة اوجه: أحدها - انها كانت قائمة بحيث ترى الملائكة فضحكت سروراً بالسلامة وأردف ذلك السرور بما كان من البشارة. والثاني - انها كانت قائمة من وراء الستر تستمع الى الرسل. والثالث - انها كانت قائمة تخدم الاضياف وابراهيم جالس. وقال مجاهد: معنى فضحكت حاضت، قال الفراء: لم أسمع ذلك من ثقة وجدته كتابة قال الكميت.
واضحكت السباع سيوف سعد
لقتلى ما دفن ولا ودينا
يعني بالحيض وقالوا لحرب بن كعب: تقول ضحكت النخلة إذا أخرجت الطلع والبسر، وقالوا الضحك الطلع وسمع من يحكى أضحكت حوضك إذا ملأته حتى فاض، وانشد بعضهم في الضحك بمعنى الحيض قول الشاعر: