الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ }

قوله { وكلاً } نصب على المصدر، وتقديره، كل القصص نقص عليك. وقال قوم: نصب على الحال، فقدم الحال قبل العامل، كما تقول: كلا ضربت، ويجوز ان يكون نصباً على انه مفعول به، وتقديره: وكل الذي تحتاج اليه نقص عليك، ويكون { ما نثبت به فؤادك } بدلاً منه - في قول الزجاج - والقصص الخبر عن الأمور بما يتلو بغضه بغضاً، مأخوذاً من قصه يقصه اذا اتبع أثره، ومنه قولهقالت لأخته قصيه } أي اتبعي اثره. والانباء جمع نبأ، وهو الخبر بما فيه عظم الشأن، وكذلك يقولون لهذا الأمر نبأ، والتثبيت تمكين اقامة الشيء ثبته تثبيتاً اذا مكنه، ومعنى { ما نثبت به فؤادك } يحتمل ان يكون ذلك بتسكينه، ويحتمل ايضاً ان يكون بالدلالة على وجوده. والفؤاد القلب مأخوذ من المفتاد، وهو المشوي قال النابغة:
كان خارجاً من حيث صفحته   سفود شرب نسوه عند مفتأد.
ومعنى { وجاءك في هذه الحق } قال ابن عباس، والحسن، ومجاهد: يعني في هذه السورة. وقال الجبائي يعني جاءك في هذه الأنباء. وقال الزجاج: يعني في هذه الأزمان. وقال قتادة: معناه في هذه الدنيا. والأول أصح، والتقدير وجاءك في هذه السورة الحق مع ما جاءك في سائر السور.

ومعنى (الآية) الاعتبار بقصص الرسل لما فيه من حسن صبرهم على أمتهم واجتهادهم في دعائهم الى عبادة الله مع الحق الذي من عمل عليه نجا، ومع الوعظ الذي يلين القلب لسلوك طريق الحق، ومع تذكر الخير والشر، وما يدعو اليه كل واحد منهما في عاقبة النفع أو الضرر.

وقوله { وموعظة } يعني جاءك موعظة تعظ الجاهلين بالله.

وقوله { وذكرى للمؤمنين } معناه تذكرة تذكر المؤمنين بالله ورسله كي لا يفعلوا غير الواجب.