الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } * { لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } * { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } * { وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } * { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } * { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }

قرأ ابو عمرو وحمزة والكسائي { ولي دين } ساكنة الياء. الباقون بفتحها من فتح الياء فلخفة الفتحة ومن أسكنها فانه كره الحركة على حرف العلة. وقرأ { ديني } بياء في الحالين يعقوب. الباقون بلا ياء فيهما. من أثبت الياء، فلانها الاصل. ومن حذفها اجتزأ بالكسرة الدالة عليها. وقيل: إن هذه السورة نزلت جواباً لقول جماعة من المشركين دعوا النبي صلى الله عليه واله إلى أن يعبد آلهتهم سنة ويعبدوا هم إلهه سنة. وفيهم نزل قولهأفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون } هذا قول ابن عباس. وقيل: إنهم قالوا: نشركك فى أمرنا، فان كان الذي فى أيدينا خيراً كنت قد أخذت بحظ منه، وإن كان الذي فى يدك خيراً قد أخذنا بحظ منه. وقيل: إن الذي قال ذلك الوليد ابن المغيرة والعاص ابن وائل والاسود ابن المطلب وأمية ابن خلف. وقيل: إنهم قالوا: نتداول العبادة ليزول ما بيننا من البغضاء والعداوة، فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن يقول لهم { لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد } ومعناه لا أعبد ما تعبدون لفساد عبادة الأوثان، ولا أنتم عابدون ما أعبد لجهلكم بوجوب اخلاص العبادة لله، لان العقل يقتضي أنه صلى الله عليه وآله لهذا امتنع وامتنعوا، وإنما كرر ذكر العبادة لتصريفها فى الفوائد المختلفة وقد نفى عبادة المؤمن للوثن كيف تصرفت الحال فى ماض أو حاضر أو مستقبل لقبحها، ونفي عبادة الكافر لله مع إقامته على الجهل بوجوب إخلاص العبادة له. وقيل: فى وجه التكرير فى السورة أن ظاهر ذلك وإن كان تكريراً، فليس فى الحقيقة تكريراً أصلا، ولا تكرير فى اللفظ إلا فى موضع واحد سنبينه بعد بيان المعنى إن شاء الله، وذلك أن قوماً من المشركين سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله مناقلة العبادة سنة يعبدون فيها ما يعبده صلى الله عليه وآله وسنة يعبد هو ما يعبدون لزوال العادة بوقوع العبادة على هذه الجهلة فجاء الكلام على طريق الجواب لانكار ما سألوا، فقيل { لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد } وهذا نفي منه لما يعبدون في الاستقبال ثم قال { ولا أنا عابد ما عبدتم } على نفي العبادة لما عبدوا في الماضي، وهذا واضح في أنه لا تكرير في لفظه ولا معناه. وقوله { ولا أنتم عابدون ما أعبد } فعلى التكرير في اللفظ دون المعنى من قبل أن التقابل يوجب أن معناه ولا أنتم عابدون ما عبدت إلا انه عدل بلفظه إلى اعبد للاشعار أن ما عبدت هو ما أعبد، واستغني بما يوجبه التقابل من معنى عبدت عن الافصاح به.

السابقالتالي
2 3