الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ }

قرأ أهل الكوفة الا عاصماً { آمنت إنه } بكسر الألف. الباقون بفتحها.

قال ابو علي: من فتح الهمزة فلأن هذا الفعل فصل بحرف الجر في نحويؤمنون بالغيب } ويؤمنون بالجبت } فلما حذف الحرف وصل الفعل إلى (ان) فصار في موضع نصب او خفض على الخلاف في ذلك. ومن كسر الالف حمله على القول المضمر كأنه قال { آمنت } فقلت إنه، واضمار القول في نحو هذا كثير. وهذا احسن لان قوله { أنه لا إله إلا الله } في المعنى ايمان، واذا قال آمنت فكأنه ذكر ذلك. وقال الرماني: من كسر (إن) جعله بدلاً من { آمنت }. ومن فتح جعله معمول { آمنت } وفي الكلام حذف، لأن تقديره فاتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدواً فيه فغرقناه حتى اذا ادركه الغرق.

حكى الله تعالى أنه جاوز ببني إسرائيل البحر بمعنى اخرجهم منه بأن جفف لهم البحر وجعله طرقاً حتى جاوزوه. والمجاوزة الخروج عن الحد من احدى الجهات الأربعة، لأنه لو خرج عن البحر بقليل وهو متعلق عليه لم يكن قد جاوزه. والبحر مستقر الماء الواسع بحيث لا يدرك طرفه من كان في وسطه. ويقال: ما فلان إلا بحر لسعة عطائه. وقوله { فأتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدواً } فالاتباع طلب اللحاق بالأول: اتبعه إتباعاً وتبعه بمعنى. وحكى ابو عبيدة عن الكسائي انه قال إذا اريد انه اتبعه خيراً او شرّاً قالوا بقطع الهمزة، واذا اريد انه اقتدى بهم واتبع أثرهم قالوا بتشديد التاء ووصل الهمزة. والبغي طلب الاستعلاء بغير حق. والباغي مذموم لقوله تعالىفقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } و (عدواً) معناه عدواناً وظلماً.

وقوله { حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل } اخبار منه تعالى أن فرعون حين لحقه الغرق والهلاك قال ما حكاه الله وكان ذلك ايمان إلجاء لا يستحق به الثواب كما لا يستحق بالايمان الضروري.

وقوله { بغياً وعدواً } نصب على المصدر والمراد بغياً على موسى وقومه واعتداء عليهم.