الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّآ أَلْقَواْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ }

قرأ ابو عمرو وحده { آلسحر } على الاستفهام. الباقون على الخبر.

قال ابو علي الفارسي: في قراءة ابي عمرو (ما) يرفع بالابتداء، وجئتم به في موضع الخبر والكلام استفهام، لأن الكلام يستقبل بقوله جئتم به. ولو كانت موصولة احتاج إلى خبر آخر. وهذا الاستفهام المراد به التقرير كما، قالأأنت قلت للناس } لان موسى كان عالماً بأن ذلك السحر. وانما ألحق الف الاستفهام بقوله { السحر } لان السحر بدلا من " ما " المبتدأ ولزم ان يلحق السحر الاستفهام ليساوي المبدل منه في انه استفهام، الا ترى انه ليس في قولك السحر استفهام وعلى هذا قالوا كم مالك أعشرون أم ثلاثون، فجعلت العشرون بدلا من كم فألحقت ام لانك في قولك كم درهماً مالك، مدع ان له مالا. ومن قرأ على الخبر جعل (ما) موصولة { وجئتم به السحر } صلة، والهاء مجرورة عائدة على الموصول والسحر خبر المبتدأ الذي هو الموصول. وحكى الفراء: انه دخل الالف واللام في في قوله { السحر } للعهد، لانهم قالوا لما اتى به موسى إنه سحر، قال موسى ما جئتم به فهو من السحر. وفي قراءة اني ما جئتم به سحر بلا الف ولام. ومن قرأ بالاستفهام جعل (ما) في قوله { ما جئتم به } للاستفهام. ومن قرأ على الخبر جعل (ما) بمعنى الذي وفسرت (ما) بالواحد في السحر. لأن المعنى عليه، وانما ذكر للتوبيخ كقولك ما صنعت الفساد.

حكى الله تعالى انه لما ألقى السحرة سحرهم قال لهم موسى: الذي جئتم به السحر فمن قرأ على الخبر، واي شيء جئتم به السحر مقرراً لهم ثم اخبر ان الله سيبطل هذا السحر الذي فعلتموه { إن الله لا يصلح عمل المفسدين } فالاصلاح تقديم العمل على ما ينفع بدلا مما يضر. والصلاح استقامة العمل على هذا الوجه. والافساد تعويج العمل إلى ما يضر بدلا مما ينفع. والفساد اضطراب العمل على هذا الوجه. والصلاح مضمن بالنفع لانه اذا اضيف ظهر معنى النفع فيه كقولك صلاح لزيد، وهو اصلح له اي انفع له وان كان فيه فساد على غيره.