المثل قول سائر يشبه به حال الثاني بالأول. وقيل { مثل الحياة الدنيا } صفة الحياة الدنيا. وقيل في المشبه والمشبه به في الآية ثلاثة اقوال: احدها - قال الجبائي: إنه تعالى شبه الحياة الدنيا بالنبات على ما وصفه الله تعالى في الاغترار به والمصير إلى الزوال كالنبات الذي يصير إلى مثل ذلك. الثاني - انه شبه الحياة الدنيا بالماء فيما يكون به من الانتفاع ثم الانقطاع. الثالث - انه شبه الحياة الدنيا بحياة مقدرة على هذه الأوصاف، لما يقتضيه { وظن أهلها أنهم قادرون عليها } أي علموا الانتفاع بها. وقوله { فاختلط به نبات الأرض } فالاختلاط تداخل الأشياء بعضها في بعض فربما كان على صفة مدح، وربما كان على صفة ذم. وقوله { حتى إذا أخذت الأرض زخرفها } فالزخرف حسن الألوان كالزهر الذي يروق البصر، ومنه قيل زخرفت الجنة لأهلها وقوله { وظن أهلها أنهم قادرون عليها } معناه ظنوا أنهم قادرون على استصحاب تلك الحال منها - جعلها على غير شيء منها، لأن القادر عليهم وعليها أهلكها. وقوله { وازينت } أصله تزينت فأدغمت التاء في الزاي واجلبت الهمزة لامكان النطق بها. وقرأ الأعرج وغيره { وازينت } على وزن (افعلت) والأول أجود لأن عليه القراء. وقوله { كأن لم تغن بالأمس } معناه كأن لم تقم على تلك الصفة فيما قبل، يقال: غني بالمكان إذا أقام به والمغاني المنازل، قال النابغة:
غنيت بذلك إذهم لك جيرة
منها بعطف رسالة وتودد
وقوله { كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون } معناه مثل ذلك نميز الايات ونبينها لقوم يفكرون فيها ويعتبرون بها، لأن من لا يفكر فيها ولا يعتبر بها كأنها لم تفصل له، فلذك خصصهم بالذكر.