الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ }

بين الله تعالى بهذه الاية أنه إنما جعل المخاطبين بهذه الخطاب بعد إهلاك من أهلك وتكليفه إياهم بطاعته وتصديق رسله مثل ما كان كلفهم { لننظر كيف تعملون } معناه إنكم إن عملتم بالمعاصي مثل ما عمل بها أولئك وكذبتم الرسل ولم ترجعوا عن الكفر أهلككم ببعض العقاب كما أهلك من تقدم. وإن آمنتم أثابكم الله في الدنيا والآخرة ورضي عنكم، فجعل قوله { لننظر كيف تعملون } دلالة لهم على اني أفعل بكم احد هذين: الثواب إن آمنتم وأطعتم، والعذاب إن كفرتم وعصيتم. واستعمل ذلك على هذا المعنى مجازاً كما يستعمله اهل اللغة على هذا المعنى، لانهم لا يعلمون ما يكون من المكلفين وما يفعل بهم من الثواب والعقاب وهو عالم بذلك. ومثل ذلك يستعمله العرب فيما يعلمه الانسان يقول القائل لغلامه الذي يأمره: إني سأعاقبك وأضربك لأنظر كيف صبرك، واعطيك مالا لأنظر كيف تعمل، وإن كان عالماً بما يؤل اليه الأمر في ذلك.

وموضع { كيف } نصب بقوله { تعملون } وإنما قدم لانه للاستفهام ولا يجوز أن يكون معمولا { لننظر } لأن ما قبل الاستفهام لا يعمل في الاستفهام ولو قلت لننظر أخيراً يعملون أو شراً؟ كان العامل في (خير، وشر) يعملون.