الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }

الاعراب

إياك نصب بوقوع الفعل عليه وموضع الكاف في إياك خفض باضافة إيا اليها وإيا اسم للضمير المنصوب، إلا انه ظاهر يضاف إلى سائر المضمرات نحو قوله: إياك ضربت وإياه ضربت، وإياي ضربت ولو قلت: إيا زيد حدثت؛ كان قبيحاً، لأنه خص به المضمر وقد روى الخليل جوازه، وهو قولهم: اذا بلغ الرجل الستين فاياه وإيا الشواب

وقال الأخفش لا موضع للكاف من الاعراب، لأنها حرف الخطاب وهو قول ابن السراج واختاره الرماني، لأن المضمر معرفة تمتنع من الاضافة كما تمتنع من الصفة وحملوا ما رواه الخليل على الشذوذ

ولو قلت نعبد إياك لم يجز لأنك تقدر على ضمير متصل بان تقول نعبدك فلا يجوز ان تأتي بضمير منفصل، ولأنه لو أخر لكان قد قدم ذكر العابد على المعبود وليس بجيد ومن قال إن إياك بكماله اسم فقد أخطأ لأنه لو كان كذلك لما اضيف، كما حكيناه في قولهم إياه وإيا الشواب، لأنهم اجروا الهاء فيه مجرى الهاء في عصاه

والنون مفتوحة من نعبده وقد روي يحيى بن وثاب، انه كان يكسرها وهي لغة هذيل، يقولون نعلم وتعلم واعلم وتخاف وتقام وتنام فيكسرون أوائل هذه الحروف كلها ولا يكسرون الياء، ولا في يستفعل ويفتعل فلا يقولون يبيض ويطمس ـ بكسر الياء ـ بل يفتحونها والدال والنون مرفوعان، لأن في أوله أحد الزوايد الاربع فاعربا

المعنى واللغة:

والعبادة ضرب من الشكر، مع ضرب من الخضوع ولا تستحق إلا باصول النعم التي هي خلق الحياة والقدرة والشهوة وما يقدر من النعم لا يوازيه نعمة منعم فلذلك اختص الله بأن يعبد، وان استحق بعضنا على بعض الشكر

والعبادة في اللغة الذلة، يقال هذا طريق معبد اذا كان مذللا بكثرة الوطء وبعير معبد اي مذلل بالركوب، وقيل اصله اذا طلي بالقطران، وسمي العبد عبداً لذلته لمولاه، ومن العرب من يقول: هيّاك، فيبدل الألف هاء كما يقولون: هيه وايه.

ونستعين اي نطلب منك المعونة على طاعتك وعبادتك. واصله نستعون لأنه من المعونة فقلبت الواو ياء لثقل الكسرة عليها ونقلت كسرتها إلى العين قبلها وبقيت الياء ساكنة، والتقدير في اول السورة إلى ها هنا، اي قل يا محمد هذا الحمد. وهذا كما قال:ولو ترى إذا المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم، ربنا أبصرنا } اي: يقولون ربنا. وكما قال: { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب، سلام عليكم } اي: يقولون سلام عليكم. وحمزة والكسائي اذا وقفا اشما الدال الرفع، وكذلك في سائر القرآن، فاما اذا وقفا على النصب، تخير الكسائي الاشمام، وتركه اجود. ومن استدل بهذه الآية على أن القدرة مع الفعل من حيث إن القدرة لو كانت متقدمه لما كان لطلب المعونة وجه اذا كان الله قد فعلها فيه فقد اخطأ لأن الرغبة في ذلك تحتمل امرين:

احدهما ـ ان يسأل الله تعالى من الطافه، وما يقوي دواعيه ويسهل الفعل عليه ما ليس بحاصل، ومتى لطف له بأن يعلمه أن له في عاقبة الثواب العظيم والمنازل الجليلة زاد ذلك في نشاطه ورغبته.

السابقالتالي
2