الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ }

القراءة ـ

قرأ عاصم والكسائي وخلف ويعقوب: مالك بالألف. الباقون ملك بغير الف؛ ولم يمل أحد الف مالك، وكسر جميعهم الكاف. وروي عن الأعمش، انه فتحها على النداء، وربيعة بن نزار يخففون مالك ويسقطون الألف، فيقولون: ملك بتسكين اللام وفتح الميم كما قال ابو النجم.

تمشي الملك عليه حلله.

والألف ساقط في الخط في القراءتين والمعول على الأولتين دون النصب وإسكان اللام ومعنى ملك يوم الدين باسقاط الألف أنه الملك يومئذ لا ملك غيره وأنه لا يؤتى في ذلك الوقت أحداً الملك كما اتاه في الدنيا، وقوى ذلك بقوله تعالى:لمن الملك اليوم لله الواحد القهار } وبانه يطابق ما تقدم من قوله: { رب العالمين الرحمن الرحيم }

ومن قرأ مالك بالف معناه انه مالك يوم الدين والحساب لا يملكه غيره ولا يليه سواه.

اللغة

والمالك هو القادر على التصرف في ماله، وأن يتصرف فيه على وجه ليس لأحدٍ منعه منه، ويوصف العاجز بأنه مالك من جهة الحكم. والملك هو القادر الواسع القدرة الذي له السياسة والتدبير، ويقال ملك بيِّن الملك مضمومة الميم، ومالك بيِّن الملك والمِلك بفتح الميم وكسرها، وضم الميم فيه لغة شاذة ذكرها ابو علي الفارسي. ويقال طالت مملكة الأمير ومملَكته بكسر اللام وفتحها وطال مُلكه ومَلكه اذا طال رقه، واعطاني من ملكه وملكه، ولي في هذا الوادي ملك ومَلك ومِلك ويقال نحن عبيد مملكة وليس بعبيدقن اي سبياً لم يملك في الأصل، ويقال: شهدنا املاك فلان وملكه، ولا يقال ملاكه، فأصل الملك الشد من قول الشاعر:
ملكت بها كفي وانهرت فقعها   
اي شددت. وملكت العجين اي شددت عجنه. ويقال: هذا ملك فلان اذا كان له التصرف فيه على ما بيناه. فأمّا من رجح قراءة ملك من حيث انه وصف نفسه بأنه ملك كل شيء بقوله: { رب العالمين } فلا فائدة في تكرير ما قد مضى فقد ابعد لأن في القرآن له نظائر تقدّمها العام وذكر بعد العام الخاص:اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق } فعمّ في الأول ثم خص ذكر الأنسان تنبيهاً على تأمل ما فيه من اتقان الصنعة ووجوه الحكمة، كما قال:وفي أنفسكم أفلا تبصرون } ولذلك نظائر كثيرة.

وفي الناس من قال ان ملك ابلغ في المدح من مالك. لأن ملك مالك وليس كل مالك ملكاً. وقال تغلب: إن مالك ابلغ من ملك لأنه قد يكون الملك على من لا يملك، كما يقال ملك الروم وان كان لا يملكهم ولا يكون مالكا إلا على ما يملك. وقال بعضهم: ان مالك أبلغ في المدح للخالق من ملك. وملك أبلغ في مدح المخلوقين من مالك، لأن مالك من المخلوقين قد يكون غير ملك.

السابقالتالي
2