الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } * { يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ } * { وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ } * { لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ وَيُبْطِلَ ٱلْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ }

قال: { كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون } [5-6] وكان سبب ذلك أن عيراً لقريش خرجت إلى الشام فيها خزائنهم، فأمر رسول الله أصحابه بالخروج ليأخذوها فأخبرهم أن الله قد وعده إحدى الطائفتين أما العير وأما قريش أن أظفر بهم، فخرج في ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلاً، فلما قارب بدر كان أبو سفيان في العير فلما بلغه أن الرسول صلى الله عليه وآله قد خرج يتعرض العير خاف خوفاً شديداً ومضى إلى الشام فلما وافى البهرة اكترى ضمضم الخزاعي بعشرة دنانير وأعطاه قلوصاً وقال له امض إلى قريش واخبرهم أن محمداً والصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم فأدركوا العير وأوصاه أن يخرم ناقته ويقطع أذنها حتى يسيل الدم ويشق ثوبه من قبل ودبر فإذا دخل مكة ولى وجهه إلى ذنب البعير وصاح بأعلى صوته يا آل غالب! اللطيمة اللطيمة العير العير ادركوا ادركوا! وما أراكم تدركون، فإن محمداً والصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم، فخرج ضمضم يبادر إلى مكة ورأت عاتكه بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم في منامها بثلاثة أيام كأن راكباً قد دخل مكة ينادي يا آل عذر يا آل فهر اغدوا إلى مصارعكم صبح ثالث ثم وافى بجملة على أبي قبيس فأخذ حجراً فدهده من الجبل فما ترك من دور قريش إلا أصابها منه فلذة وكان وادي مكة قد سال من أسفله دماً فانتبهت ذعرة فأخبرت العباس بذلك فأخبر العباس عتبة بن ربيعة، فقال عتبة مصيبة تحدث في قريش وفشت الرؤيا في قريش وبلغ ذلك أبا جهل فقال ما رأت عاتكة هذه الرؤيا وهذه نبية ثانية في بني عبد المطلب واللات والعزى لننتظر ثلاثة أيام فإن كان ما رأت حقاً فهو كما رأت وإن كان غير ذلك لنكتبن بيننا كتاباً إنه ما من أهل بيت من العرب أكذب رجالاً ولا نساءً من بني هاشم، فلما مضى يوم قال أبو جهل هذا يوم قد مضى فلما كان اليوم الثاني قال أبو جهل هذان يومان قد مضيا، فلما كان اليوم الثالث وافى ضمضم ينادي في الوادي " يا آل غالب يا آل غالب اللطيمة اللطيمة العير العير ادركوا ادركوا وما أراكم تدركون فإن محمداً والصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم التي فيها خزائنكم " فتصايح الناس بمكة وتهيئوا للخروج وقام سهيل بن عمرو وصفوان بن أمية وأبو البختري بن هشام ومنية وبنية ابنا الحجاج ونوفل بن خويلد فقال: يا معشر قريش والله ما أصابكم مصيبة أعظم من هذه أن يطمع محمد والصباة عن أهل يثرب أن يتعرضوا لعيركم التي فيها خزائنكم فوالله ما قرشي ولا قرشية إلا ولها في هذه العير شيء فصاعداً وأنه لذل والصغار أن يطمع محمد في أموالكم ويفرق بينكم وبين متجركم فأخرجوا، وأخرج صفوان بن أمية خمس مائة دينار وجهز بها، وأخرج سهيل بن عمرو خمس مائة وما بقي أحد من عظماء قريش إلا أخرجوا مالاً وحملوا وقووا وأخرجوا على الصعب والذلول ما يملكون أنفسهم كما قال الله تعالى: خرجوا من ديارهم بطراً ورثاء الناس، وخرج معهم العباس بن عبد المطلب ونوفل بن الحارث وعقيل ابن أبي طالب وأخرجوا معهم القينان يشربون الخمر ويضربون بالدفوف.

السابقالتالي
2 3 4