الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ } * { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلاۤئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ }

أنزل الله عليهم السماء حتى تثبت أقدامهم على الأرض وهو قول الله تعالى: { إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان } [11] وذلك أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله احتلم { وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام } وكان المطر على قريش مثل العزالى وكان على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله رذاذاً بقدر ما لبد الأرض.

وخافت قريش خوفاً شديداً فأقبلوا يتحارسون يخافون البيات فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عمار بن ياسر وعبدالله بن مسعود فقال ادخلا في القوم وأتياني بأخبارهم، فكانا يجولان في عسكرهم لا يرون إلا خائفاً ذعراً إذا صهل الفرس وثب علي جحفلته فسمعوا منبة بن الحجاج يقول:

لايترك الجزع (الجوع ط) لنا مبيتاً   لا بد أن نموت او نميتا
قال صلى الله عليه وآله: " والله كانوا شباعى (سباعى) ولكنهم من الخوف قالوا هذا " وألقى الله على قلوبهم الرعب كما قال الله تعالى { سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب } [12] فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله عبأ أصحابه وكان في عسكره صلى الله عليه وآله فرسان فرس للزبير بن العوام وفرس للمقداد، وكان في عسكره سبعون جملاً يتعاقبون عليها، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله ومرثد بن أبي مرثد الغنوي وعلي بن أبي طالب عليه السلام علي جمل يتعاقبون عليه والجمل لمرثد وكان في عسكر قريش أربعمائة فرس.

فعبأ رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه بين يديه وقال غضوا أبصاركم لا تبدوهم بالقتال ولا يتكلمن أحد، فلما نظر قريش إلى قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قال أبو جهل: ما هم إلا أكلة رأس ولو بعثنا إليهم عبيدنا لأخذوهم أخذاً باليد، فقال عتبة بن ربيعة أترى لهم كميناً ومدداً؟ فبعثوا عمر بن وهب الجمحي، وكان فارساً شجاعاً فجال بفرسه حتى طاف إلى معسكر رسول الله صلى الله عليه وآله ثم صعد الوادي وصوت ثم رجع إلى قريش، فقال ما لهم كمين ولا مدد ولكن نواضح يثرب قد حملت الموت الناقع، أما ترونهم خرساً لا يتكلمون يتلمظون تلمظ الأفاعي ما لهم ملجأ إلا سيوفهم وما أراهم يولون حتى يقتلون، ولا يقتلون حتى يقتلون بعددهم، فارتاؤا رأيكم، فقال أبو جهل: كذبت وجبنت وانتفخ منخرك حين نظرت إلى سيوف يثرب.

وفزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله حين نظروا إلى كثرة قريش وقوتهم فأنزل الله على رسوله: { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله } وقد علم الله أنهم لا يجنحون ولا يجيبون إلى السلم وإنما أراد سبحانه بذلك ليطيب قلوب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قريش، فقال يا معشر قريش ما أحد من العرب أبغض إلي ممن بدأ بكم خلوني والعرب فإن أك صادقاً فأنتم اعلى بي عيناً وإن أكُ كاذباً كفتكم ذؤبان العرب أمري فارجعوا، فقال عتبة والله ما أفلح قوم قط ردوا هذا، ثم ركب جملاً له أحمر فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله يجول في العسكر وينهى عن القتال، فقال إن يكون عند أحد خير فعند صاحب الجمل الأحمر فإن يطيعوه يرجعوا ويرشدوا، فأقبل عتبة يقول يا معشر قريش اجتمعوا واستمعوا ثم خطبهم فقال يمن رحب فرحب مع يمن يا معشر قريش! اطيعوني اليوم واعصوني الدهر وارجعوا إلى مكة واشربوا الخمور وعانقوا الحور فإن محمداً له أل وذمة وهو ابن عمكم فارجعوا ولا تنبذوا رأيي وإنما تطالبون محمداً بالعير التي أخذها محمد صلى الله عليه وآله بنخيلة ودم ابن الحضرمي وهو حليفي وعلي عقله، فلما سمع أبو جهل ذلك عاظه وقال إن عتبة أطول الناس لساناً وأبلغهم في الكلام ولئن رجعت قريش بقوله ليكونن سيد قريش آخر الدهر ثم قال يا عتبة! نظرت إلى سيوف بني عبد المطلب وجبنت وانتفخ سحرك وتأمر الناس بالرجوع وقد رأينا ثأرنا بأعيننا، فنزل عتبة عن جمله وحمل على أبي جهل وكان على فرس فأخذ بشعره فقال الناس يقتله، فعرقب فرسه وقال أمثلي يجبن وستعلم قريش اليوم أينا ألئم وأجبن وأينا المفسد لقومه، لا يمشي إلا أنا وأنت إلى الموت عياناً ثم قال: هذا حبائي وخياره فيه، وكان جان يده إلى فيه (ثم أخذ بشعره يجره ك) فاجتمع الناس فقالوا يا أبا الوليد الله الله لا تفت في أعضاد الناس تنهى عن شيء وتكون أوله.

السابقالتالي
2 3 4