الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ ٱلْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا ٱللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ }

قوله: { يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم } فواجب لفظ الآية أن الفداء يجب على من قتل الصيد متعمداً وفي المعنى والتفسير يجب الجزاء على من قتل الصيد متعمداً أو خطأ.

حدثني محمد بن الحسين (الحسن ط) عن محمد بن عون النصيبي قال لما أراد المأمون أن يزوج أبا جعفر محمد بن علي بن موسى عليه السلام ابنته أم الفضل اجتمع إليه أهل بيته الأدنين منه فقالوا له يا أمير المؤمنين ننشدك الله أن لا تخرج عنا أمراً قد ملكناه وتنزع عنا عزاً قد ألبسنا الله فقد عرفت الأمر الذي بيننا وبين آل علي قديماً وحديثاً، قال المأمون اسكتوا فوالله لأقبلت من أحدكم في أمره، فقالوا يا أمير المؤمنين أفتزوج قرة عينك صبياً لم يتفقه في دين الله ولا يعرف فريضة ولا سنة ولا يميز بين الحق والباطل، ولأبي جعفر عليه السلام يومئذ عشرة سنين أو أحد عشرة سنة، فلو صبرت عليه حتى يتأدب ويقرأ القرآن ويعرف فرضاً من سنته، فقال لهم المأمون والله إنه لأفقه منكم وأعلم بالله وبرسوله وفرائضه وسننه وأحكامه واقرأ بكتاب الله وأعلم بمحكمه ومتشابهه وخاصه وعامة وناسخه ومنسوخه وتنزيله وتأويله منكم فاسألوه فإن كان الأمر كما قلتم قبلت منكم في أمره وإن كان كما قلت علمتم أن الرجل خير منكم، فخرجوا من عنده وبعثوا إلى يحيى بن أكثم واطمعوه في هدايا أن يحتال على أبي جعفر عليه السلام بمسألة لا يدري كيف الجواب فيها عند المأمون إذا اجتمعوا للتزويج، فلما حضروا وحضر أبو جعفر عليه السلام قالوا يا أمير المؤمنين هذا يحيى بن أكثم إن أذنت له أن يسأل أبا جعفر عليه السلام عن مسألة، فقال المأمون يا يحيى سل أبا جعفر عليه السلام عن مسألة في الفقه لننظر كيف فقهه، فقال يحيى يا أبا جعفر أصلحك الله ما تقول في محرم قتل صيداً؟ فقال أبو جعفر عليه السلام قتله في حل أو حرم، عالماً أو جاهلاً، عمداً أو خطأ، عبداً أو حراً، صغيراً أو كبيراً، مبدياً أو معيداً، من ذوات الطير أو من غيرها، من صغار الصيد أو من كبارها، مصراً عليها أو نادماً، بالليل في وكرها أو بالنهار عياناً، محرماً لعمرة أو للحج؟ قال: فانقطع يحيى بن أكثم انقطاعاً لم يخف على أهل المجلس وأكثر الناس تعجباً من جوابه، ونشط المأمون فقال نخطب يا أبا جعفر، فقال نعم يا أمير المؤمنين فقال المأمون:

الحمد لله إقراراً بنعمته ولا إله إلا الله إخلاصاً لعظمته وصلى الله على محمد عند ذكره وقد كان من فضل الله على الأنام إن أغناهم بالحلال عن الحرام فقال وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ثم إن محمد بن علي ذكر أم الفضل بنت عبدالله وبذل لها من الصداق خمسمائة درهم وقد زوجتك فهل قبلت يا أبا جعفر، قال أبو جعفر عليه السلام نعم يا أمير المؤمنين قد قبلت هذا التزويج بهذا الصداق ثم أولم عليه المأمون وجاء الناس على مراتبهم الخاص والعام، قال فبينما نحن كذلك إذ سمعنا كلاماً كأنه من كلام الملاحين في مجاوباتهم فإذا نحن بالخدم يجرون سفينة من فضة وفيها نسائج إبريسم مكان القلوس مملؤة غالية فخضبوا أهل الخاص بها ثم مروا بها إلى دار العامة فطيبوهم، فلما تفرق الناس قال المأمون: يا أبا جعفر إن رأيت أن تبين لنا ما الذي يجب على كل صنف من هذه الأصناف التي ذكرت في قتل الصيد؟ فقال أبو جعفر عليه السلام نعم يا أمير المؤمنين إن المحرم إذا قتل صيداً في الحل والصيد من ذوات الطير من كبارها فعليه شاة، وإذا أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً، وإذا قتل فرخاً في الحل فعليه جمل قد فطم وليس عليه قيمته لأنه ليس في الحرم، وإذا قتله في الحرم فعليه الجمل وقيمته لأنه في الحرم، وإذا كان من الوحش فعليه في حمار الوحش بدنة وكذلك في النعامة، فإن لم يقدر فعليه إطعام ستين مسكيناً، فإن لم يقدر فصيام ثمانية عشر يوماً، وإن كانت بقرة فعليه بقرة فإن لم يقدر فعليه إطعام ثلاثين مسكيناً، فمن لم يقدر فليصم تسعة أيام، وإن كان ظبياً فعليه شاة، فإن لم يقدر فإطعام عشرة مساكين، فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام، وإن كان في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً هدياً بالغ الكعبة حقاً واجباً عليه أن ينحره، وإن كان في حج بمنى حيث ينحر الناس فإن كان في عمرة ينحره بمكة ويتصدق بمثل ثمنه حتى يكون مضاعفاً، وكذلك إذا أصاب أرنبا فعليه شاة وإذا قتل الحمامة تصدق بدرهم أو يشتري به طعاماً لحمامة الحرم، وفي الفرخ نصف درهم، وفي البيضة ربع درهم.

السابقالتالي
2 3 4