الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلأَنصَابُ وَٱلأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ فَٱجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام } أما الخمر فكل مسكر من الشراب خمر إذا أخمر فهو حرام؟ وأما المسكر كثيره وقليله حرام وذلك أن الأول شرب قبل أن يحرم الخمر فسكر فجعل يقول الشعر ويبكي على قتلى المشركين من أهل بدر، فسمع رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: " اللهم أمسك على لسانه " ، فأمسك على لسانه فلم يتكلم حتى ذهب عنه السكر فأنزل الله تحريمها بعد ذلك، وإنما كانت الخمر يوم حرمت بالمدينة فضيخ البسر والتمر فلما نزل تحريمها خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقعد في المسجد ثم دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون فيها فأكفأ كلها ثم قال " هذه كلها خمر وقد حرمها الله " ، فكان أكثر شيء أكفئ من ذلك يومئذ من الأشربة الفضيخ، ولا أعلم أكفئ يومئذ من خمر العنب شيء إلا إناء واحد كان فيه زبيب وتمر جميعاً، وأما عصير العنب فلم يكن يومئذ بالمدينة منه شيء، حرم الله الخمر قليلها وكثيرها وبيعها وشراء‌ها والانتفاع بها، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من شرب الخمر فأجلدوه ومن عاد فاجلدوه ومن عاد فأجلدوه ومن عاد في الرابعة فاقتلوه، وقال حق على الله أن يسقي من شرب الخمر مما يخرج من فروج المومسات، والمومسات الزواني يخرج من فروجهن صديد والصديد قيح ودم غليظ مختلط يؤذي أهل النار حره ونتنه " ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن عاد فأربعين ليلة من يوم شربها فإن مات في تلك الأربعين ليلة من غير توبة سقاه الله يوم القيامة من طينة خبال " وسمي المسجد الذي قعد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله يوم اكفئت المشربة مسجد الفضيخ من يومئذ، لأنه كان أكثر شيء أكفئ من الأشربة الفضيخ.

وأما الميسر فالنرد والشطرنج وكل قمار ميسر، وأما الأنصاب فالأوثان التي كانوا يعبدونها المشركون، وأما الأزلام فالأقداح التي كانت تستقسم بها مشركوا العرب في الجاهلية، كل هذا بيعه وشراه والانتفاع بشئ من هذا حرام من الله محرم، وهو رجس من عمل الشيطان، فقرن الله الخمر والميسر مع الأوثان.