الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً }

{ إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً } قال: فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن سنان (سياد ط) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان سبب نزول هذه السورة وهذا الفتح العظيم أن الله عز وجل أمر رسول الله صلى الله عليه وآله في النوم أن يدخل المسجد الحرام ويطوف ويحلق مع المحلقين، فأخبر أصحابه وأمرهم بالخروج فخرجوا فلما نزل ذا الحليفة أحرموا بالعمرة وساقوا البدن وساق رسول الله صلى الله عليه وآله ستاً وستين بدنة وأشعرها عند إحرامه، وأحرموا من ذي الحليفة ملبين بالعمرة قد ساق من ساق منهم الهدي مشعرات مجللات، فلما بلغ قريشاً ذلك بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس كميناً ليستقبل رسول الله صلى الله عليه وآله، فكان يعارضه على الجبال فلما كان في بعض الطريق حضرت صلاة الظهر فأذن بلال وصلى رسول الله صلى الله عليه وآله بالناس، فقال خالد بن الوليد: لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة لأصبناهم فإنهم لا يقطعون صلاتهم ولكن تجيء لهم الآن صلاة أخرى أحب إليهم من ضياء أبصارهم فإذا دخلوا في الصلاة أغرنا عليهم، فنزل جبرائيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله بصلاة الخوف بقوله: { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة } الآية، وهذه الآية في سورة النساء وقد مضى ذكر خبر صلاة الخوف فيها.

فلما كان في اليوم الثاني نزل رسول الله صلى الله عليه وآله الحديبية وهي على طرف الحرم وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يستنفر بالأعراب في طريقه معه فلم يتبعه أحد ويقولون: أيطمع محمد وأصحابه أن يدخلوا الحرم وقد غزتهم قريش في عقر ديارهم فقتلوهم أنه لا يرجع محمد وأصحابه إلى المدينة أبداً فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله الحديبية خرجت قريش يحلفون باللات والعزى لا يدعون محمداً يدخل مكة وفيهم عين تطرف، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله إني لم آت لحرب وإنما جئت لأقضي نسكي وأنحر بدني وأخلي بينكم وبين لحماتها، فبعثوا عروة بن مسعود الثقفي وكان عاقلاً لبيباً وهو الذي أنزل الله فيه: { وقالوا لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } فلما أقبل على رسول الله صلى الله عليه وآله عظم ذلك وقال: يا محمد تركت قومك وقد ضربوا الأبنية وأخرجوا العود المطافيل يحلفون باللات والعزى لا يدعوك تدخل مكة فإن مكة حرمهم وفيها عين تطرف أفتريد أن تبيد أهلك وقومك يا محمد! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما جئت لحرب وإنما جئت لأقضي نسكي فانحر بدني وأخلي بينكم وبين لحماتها، فقال عروة: بالله ما رأيت كاليوم أحداً صد كما صددت، فرجع إلى قريش وأخبرهم فقالت قريش والله لئن دخل محمد مكة وتسامعت به العرب لنذلن ولتجترين علينا العرب.

السابقالتالي
2 3