الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَٰهُمْ }

قال: { فهل ينظرون إلا الساعة } يعني القيامة { أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها } فإنه حدثني أبي عن سليمان بن مسلم الخشاب عن عبد الله ابن جريح المكي عن عطا بن أبي رياح عن عبد الله بن عباس قال حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله حجة الوداع فأخذ بحلقة باب الكعبة ثم أقبل علينا بوجهه فقال: ألا أخبركم بأشراط الساعة؟ وكان أدنى الناس منه يومئذ سلمان رحمة الله عليه، فقال: بلى يا رسول الله! فقال صلى الله عليه وآله: إن من أشراط القيامة إضاعة الصلوات واتباع الشهوات، والميل إلى الأهواء وتعظيم أصحاب المال، وبيع الدين بالدنيا، فعندها يذوب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب الملح في الماء مما يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيره، قال سلمان وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: أي والذي نفسي بيده يا سلمان! إن عندها يلبهم أمراء جورة ووزراء فسقة، وعرفاء ظلمة، وأمناء خونة، فقال سلمان وإن هذا لكائن يا رسول الله! قال صلى الله عليه وآله: أي والذي نفسي بيده يا سلمان إن عندها يكون المنكر معروفاً والمعروف منكراً ويؤتمن الخائن ويخون الأمين ويصدق الكاذب ويكذب الصادق، قال سلمان وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وآله: أي والذي نفسي بيده.

يا سلمان! فعندها تكون إمارة النساء ومشاورة الإِماء وقعود الصبيان على المنابر ويكون الكذب طرفاً والزكاة مغرماً والفيء مغنماً ويجفو الرجل والديه ويبر صديقه، ويطلع الكوكب المذنب، قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: أي والذي نفسي بيده يا سلمان وعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة ويكون المطر قيظاً ويغيظ الكرام غيظاً ويحتقر الرجل المعسر فعندها تقارب الأسواق إذ قال هذا لم أبع شيئاً وقال هذا لم أربح شيئاً فلا ترى إلا ذاماً لله، قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: أي والذي نفسي بيده.

يا سلمان! فعندها يليهم أقوام إن تكلموا قتلوهم وإن سكتوا استباحوا حقهم ليستأثرون أنفسهم بفيئهم وليطؤن حرمتهم وليسفكن دماء‌هم وليملأن قلوبهم دغلاً ورعباً، فلا تراهم إلا وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين، قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: إي والذي نفسي بيده، يا سلمان! إن عندها يؤتى بشيء من المشرق وشيء من المغرب يلون أمتي، فالويل لضعفاء أمتي منهم والويل لهم من الله، لا يرحمون صغيراً ولا يوقرون كبيراً ولا يتجاوزون من مسيء جثتهم جثة الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين؟ قال سلمان وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: إي والذي نفسى بيده، يا سلمان! وعندها يكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال ولتركبن ذوات الفروج السروج فعليهن من أمتي لعنة الله، قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ فقال: إي والذي نفسي بيده يا سلمان! إن عندها تزخرف المساجد كما تزخرف البيع والكنائس وتحلى المصاحف، وتطول المنارات وتكثر الصفوف بقلوب متباغضة وألسن مختلفة.

السابقالتالي
2