الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ }

قوله: { وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها } قال: أم القرى مكة سميت أم القرى لأنها أول بقعة خلقها الله من الأرض لقوله: { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً }.

وقوله { لتنذر أم القرى } مكة { ومن حولها } سائر الأرض وقوله: { وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير } قال: فإنه حدثني الحسين بن عبد الله السكيني عن أبي سعيد البجلي (النحلى ط) عن عبد الملك بن هارون عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: لما بلغ أمير المؤمنين عليه السلام أمر معاوية وأنه في مائة ألف قال من أي القوم؟ قالوا من أهل الشام، قال عليه السلام لا تقولوا من أهل الشام ولكن قولوا من أهل الشوم هم من أبناء مضر لعنوا على لسان داود فجعل الله منهم القردة والخنازير، ثم كتب عليه السلام إلى معاوية: لا تقتل الناس بيني وبينك وهلم إلى المبارزة فإن أنا قتلتك فإلى النار أنت وتستريح الناس منك ومن ضلالتك وإن قتلتني فأنا إلى الجنة ويغمد عنك السيف الذي لا يسعني غمده حتى أرد مكرك وبدعتك، وأنا الذي ذكر الله اسمه في التوراة والإنجيل بمؤازرة رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنا أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وآله تحت الشجرة في قوله: { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة }.

فلما قرأ معاوية كتابه وعنده جلساؤه قالوا: والله قد أنصفك، فقال معاوية والله ما أنصفني والله لأمرمينه بمائة ألف سيف من أهل الشام من قبل أن يصل إلي، ووالله ما أنا من رجاله، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول والله يا علي لو بارزك أهل الشرق والغرب لقتلتهم أجمعين، فقال له رجل من القوم فما يحملك يا معاوية على قتال من تعلم وتخبر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وآله بما تخبر؟ ما أنت ونحن في قتاله إلا على الضلالة! فقال معاوية: إنما هذا بلاغ من الله ورسالاته والله ما أستطيع أنا وأصحابي رد ذلك حتى يكون ما هو كائن.

قال: وبلغ ذلك ملك الروم وأخبر أن رجلين قد خرجا يطلبان الملك فسأل من أين خرجا؟ فقيل له رجل بالكوفة ورجل بالشام، قال: فلمن الملك الآن فأمر وزراء‌ه فقالوا تخللوا هل تصيبون من تجار العرب من يصفهما لي، فأتي برجلين من تجار الشام ورجلين من تجار مكة فسألهم عن صفتهما فوصفوهما له ثم قال لخزان بيوت خزاينه اخرجوا إلي الأصنام فأخرجوها فنظر إليها، فقال: الشامي ضال والكوفي هاد، ثم كتب إلى معاوية أن ابعث إلي أعلم أهل بيتك وكتب إلى أمير المؤمنين عليه السلام أن ابعث إلي أعلم أهل بيتك، فاسمع منهما ثم انظر في الإِنجيل كتابنا ثم أخبركما من أحق بهذا الأمر وخشي على ملكه، فبعث معاوية يزيد ابنه وبعث أمير المؤمنين الحسن ابنه عليهما السلام فلما دخل يزيد على الملك أخذ بيده وقبلها ثم قبل رأسه ثم دخل عليه الحسن بن علي عليهما السلام فقال: الحمد الله الذي لم يجعلني يهودياً ولا نصرانياً ولا مجوسياً ولا عابداً للشمس والقمر ولا الصنم ولا البقر وجعلني حنيفاً مسلماً ولم يجعلني من المشركين تبارك الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، ثم جلس لا يرفع بصره، فلما نظر ملك الروم إلى الرجلين أخرجهما ثم فرّق بينهما ثم بعث إلى يزيد فأحضره ثم أخرج من خزائنه ثلاثمائة وثلاثة عشر صندوقاً فيها تماثيل الأنبياء وقد زينت بزينة كل نبي مرسل فأخرج صنماً فعرضه على يزيد فلم يعرفه ثم عرض عليه صنماً صنماً فلا يعرف منها شيئاً ولا يجيب منها بشيء ثم سأله عن أرزاق الخلائق وعن أرواح المؤمنين أين تجتمع؟ وعن أرواح الكفار أين تكون إذا ماتوا؟ فلم يعرف من ذلك شيئاً ثم دعا الملك الحسن بن علي عليهما السلام فقال: إنما بدأت بيزيد بن معاوية كي يعلم أنك تعلم ما لا يعلم ويعلم أبوك ما لا يعلم أبوه فقد وصف لي أبوك وأبوه ونظرت في الإنجيل فرأيت فيه محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله والوزير علياً عليه السلام فنظرت في الأوصياء فرأيت فيها أباك وصي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله.

السابقالتالي
2 3 4