الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ }

قوله: { لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف - إلى قوله - الميعاد } قال: فإنه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر عليه السلام قال: سأل علي عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله عن تفسير هذه الآية فقال: لماذا بنيت هذه الغرف يا رسول الله؟ فقال: يا علي تلك غرف بناها الله لأوليائه بالدر والياقوت والزبرجد سقوفها الذهب محبوكة بالفضة لكل غرفة منها ألف باب من ذهب على كل باب منها ملك موكل به وفيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير والديباج بألوان مختلفة وحشوها المسك والعنبر والكافور وذلك قول الله وفرش مرفوعة، فإذا دخل المؤمن إلى منازله في الجنة وضع على رأسه تاج الملك والكرامة وألبس حلل الذهب والفضة والياقوت والدر منظوماً في الإِكليل تحت التاج وألبس سبعين حلة بألوان مختلفة منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت الأحمر وذلك قوله يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير، فإذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحاً فإذا استقرت لولي الله منازله في الجنة استأذن عليه الملك الموكل بجنانه ليهنيه بكرامة الله إياه فيقول له حدام المؤمن ووصفاؤه مكانك فإن ولي الله قد اتكأ على أرائكه وزوجته الحوراء العيناء قد هيئت له فاصبر لولي الله حتى يفرغ من شغله، قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمتها تمشي مقبلة وحولها وصفاؤها تحنيها عليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد صبغن بمسك وعنبر وعلى رأسها تاج الكرامة وفي رجليها نعلان من ذهب مكللان بالياقوت واللؤلؤ وشراكهما ياقوت أحمر فإذا أدنيت من ولي الله وهم أن يقوم إليها شوقاً تقول له يا ولي الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب فلا تقم أنا لك وأنت لي فيعتنقان قدر خمسمائة عام من أعوام الدنيا لا يملها ولا تمله، قال فينظر إلى عنقها فإذا عليها قلادة من قصب ياقوت أحمر وسطها لوح مكتوب أنت يا ولي الله حبيبي وأنا الحوراء حبيبتك إليك تباهت نفسي وإلي تباهت نفسك ثم يبعث الله ألف ملك يهنؤنه بالجنة ويزوجونه الحوراء.

قال: فينتهون إلى أول باب من جناته فيقولون الملك الموكل بأبواب الجنان استأذن لنا علي ولي الله فإن الله بعثنا مهنئين، فيقول الملك حتى أقول للحاجب فيعلمه مكانكم، قال: فيدخل الملك إلى الحاجب وبينه وبين الحاجب ثلاث جنان حتى ينتهي إلى أول باب فيقول للحاجب إن على باب الغرفة ألف ملك أرسلهم رب العالمين جاؤوا يهنئون ولي الله وقد سألوا أن استأذن لهم عليه فيقول له الحاجب أنه ليعظم علي أن استأذن لأحد على ولي الله وهو مع زوجته قال: وبين الحاجب وبين ولي الله جنتان فيدخل الحاجب على القيم فيقول له إن على باب الغرفة ألف ملك أرسلهم رب العالمين يهنئون ولي الله فاستأذن لهم، فيقوم القيم إلى الخدام فيقول لهم إن رسل الجبار على باب العرصة وهم ألف ملك أرسلهم يهنئون ولي الله فأعلمهم مكانهم، قال: فيعلمونه الخدام مكانهم قال: فيأذن لهم فيدخلون على ولي الله وهو في الغرفة ولها ألف باب وعلى كل باب من أبوابها ملك موكل به فإذا أذن للملائكة بالدخول على ولي الله فتح كل ملك بابه الذي قد وكل به فيدخل كل ملك من باب من أبواب الغرفة فيبلغونه رسالة الجبار، وذلك قول الله: { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب } يعني: من أبواب الغرفة { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } وذلك قوله: { وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً } يعني: بذلك ولي الله وما هو فيه من الكرامة والنعيم والملك العظيم وإن الملائكة من رسل الجبار ليستأذنون عليه فلا يدخلون عليه إلا بإذنه فذلك الملك العظيم والأنهار تجري من تحتها.