الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ٱلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ }

حدثنا محمد بن همام قال حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا محمد بن الحسن الصايغ قال حدثنا الحسن بن علي عن صالح بن سهل الهمداني قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في قول الله { الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة } المشكاة فاطمة عليها السلام { فيها مصباح المصباح } الحسن والحسين { في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري } كأن فاطمة عليها السلام كوكب دري بين نساء أهل الأرض { يوقد من شجرة مباركة } يوقد من إبراهيم عليه وعلى نبينا وآله السلام { لا شرقية ولا غربية } يعني لا يهودية ولا نصرانية { يكاد زيتها يضيء } يكاد العلم يتفجر منها { ولو لم تمسسه نار نور على نور } إمام منها بعد إمام { يهدي الله لنوره من يشاء } يهدي الله للأئمة من يشاء أن يدخله في نور ولايتهم مخلصاً { ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم } حدثنا حميد بن زياد عن محمد ابن الحسين عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام في هذه الآية { الله نور السماوات والأرض } قال: بدأ بنور نفسه تعالى { مثل نوره } مثل هداه في قلب المؤمن { كمشكاة فيها مصباح المصباح } والمشكاة جوف المؤمن والقنديل قلبه والمصباح النور الذي جعله الله في قلبه { يوقد من شجرة مباركة } قال: الشجرة المؤمن { زيتونة لا شرقية ولا غربية } قال على سواء الجبل لا غربية أي لا شرق لها ولا شرقية أي لا غرب لها إذا طلعت الشمس طلعت عليها وإذا غربت الشمس غربت عليها { يكاد زيتها يضيء } يكاد النور الذي جعله الله في قلبه يضيء وإن لم يتكلم { نور على نور } فريضة على فريضة وسنة على سنة { يهدي الله لنوره من يشاء } يهدي الله لفرايضه وسننه من يشاء { ويضرب الله الأمثال للناس } فهذا مثل ضربه الله للمؤمن، قال: فالمؤمن يتقلب في خمسة من النور، مدخله ومخرجه نور وعلمه نور وكلامه نور ومصيره يوم القيامة إلى الجنة نور، قلت لجعفر بن محمد عليهما السلام جعلت فداك يا سيدي إنهم يقولون مثل نور الرب؟ قال: سبحان الله ليس لله مثل قال الله لا تضربوا لله الأمثال.

قال علي بن إبراهيم في قوله: { الله نور السماوات والأرض - إلى قوله - والله بكل شيء عليم } فإنه حدثني أبي عن عبد الله بن جندب قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام اسأل عن تفسير هذه الآية فكتب إلي الجواب: أما بعد فإن محمداً كان أمين الله في خلقه فلما قبض النبي صلى الله عليه وآله كنا أهل البيت ورثته فنحن أمناء الله في أرضه عندنا علم المنايا والبلايا وأنساب العرب ومولد الاسلام وما من فئة تضل مائة به وتهدي مائة به إلا ونحن نعرف سائقها وقائدها وناعقها وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الأيمان وحقيقة النفاق وإن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم أخذ الله علينا وعليهم الميثاق يردون موردنا ويدخلون مدخلنا ليس على ملة الاسلام غيرنا وغيرهم إلى يوم القيامة، نحن آخذون بحجزة نبينا ونبينا آخذ بحجزة ربنا والحجزة النور وشيعتنا آخذون بحجزتنا، من فارقنا هلك ومن تبعنا نجا والمفارق لنا والجاحد لولايتنا كافر ومتبعنا وتابع أوليائنا مؤمن، لا يحبنا كافر ولا يبغضنا مؤمن ومن مات وهو يحبنا كان حقاً على الله أن يبعثه معنا، نحن نور لمن تبعنا، وهدى لمن اهتدى بنا ومن لم يكن منا فليس من الاسلام في شيء وبنا فتح الله الدين وبنا يختمه، وبنا أطعمكم الله عشب الأرض، وبنا أنزل الله قطر السماء، وبنا آمنكم الله من الغرق في بحركم ومن الخسف في بركم وبنا نفعكم الله في حياتكم وفي قبوركم وفي محشركم وعند الصراط وعند الميزان وعند دخولكم الجنان، مثلنا في كتاب الله كمثل مشكاة والمشكاة في القنديل فنحن المشكاة فيها مصباح، المصباح محمد رسول الله صلى الله عليه وآله { المصباح في زجاجة } من عنصرة طاهرة { الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية } لا دعية ولا منكرة { يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار } القرآن { نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم } فالنور علي عليه السلام يهدي الله لولايتنا من أحب، وحق على الله أن يبعث ولينا مشرقاً وجهه منيراً برهانه ظاهرة عند الله حجته حق على الله أن يجعل أولياء‌نا المتقين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، فشهداؤنا لهم فضل على الشهداء بعشر درجات ولشهيد شيعتنا فضل على كل شهيد غيرنا بتسع درجات نحن النجباء ونحن أفراط الأنبياء ونحن أولاد الأوصياء ونحن المخصوصون في كتاب الله ونحن أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وآله ونحن الذين شرع الله لنا دينه فقال في كتابه: شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك - يا محمد - وما وصينا به إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، قد علمنا وبلغنا ما علمنا واستودعنا علمهم ونحن ورثة الأنبياء ونحن ورثة أولي العلم وأولي العزم من الرسل أن أقيموا الدين { ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } (ك) كما قال الله { ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه } من الشرك من أشرك بولاية علي عليه السلام { ما تدعوهم إليه } من ولاية علي عليه السلام يا محمد فيه هدى { ويهدي اليه من ينيب } من يجيبك إلي بولاية علي عليه السلام وقد بعثت إليك بكتاب فتدبره وافهمه فإنه شفاء لما في الصدور ونور، والدليل على أن هذا مثل لهم.