الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

أما قوله: { أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها } فإنه حدثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيي الحلبي عن هارون بن خارجة عن أبي عبدالله عليه السلام قال لما عملت بنو إسرائيل المعاصي وعتوا عن أمر ربهم فأراد الله أن يسلط عليهم من يذلهم ويقتلهم فأوحى الله تعالى إلى إرميا يا إرميا ما بلد انتخبته من بين البلدان وغرست فيه من كرائم الشجر فأخلف فأنبت خرنوبا؟ فأخبر إرميا أخيار علماء بني اسرائيل فقالوا له راجع ربك ليخبرنا ما معنى هذا المثل؟ فصام إرميا سبعاً، فأوحى الله إليه يا إرميا أما البلد فبيت المقدس وأما ما أنبت فيها فبنو إسرائيل الذين أسكنتهم فيها فعملوا بالمعاصي وغيروا ديني وبدلوا نعمتي كفراً، فبي حلفت لأمتحننهم بفتنة يظل الحكيم فيها حيراناً ولأسلطن عليهم شر عبادي ولادة وشرهم طعاماً فليسلطن عليهم بالجبرية فيقتل مقاتليهم ويسبي حريمهم ويخرب ديارهم التي يغترون بها ويلقي حجرهم الذي يفتخرون به على الناس في المزابل مائة سنة، فأخبر إرمياً أحبار بني إسرائيل فقالوا له راجع ربك فقل له ما ذنب الفقراء والمساكين والضعفاء، فصام إرميا سبعاً ثم أكل أكلة فلم يوح إليه شيء ثم صام سبعاً وأكل أكلة ولم يوح إليه شيء ثم صام سبعاً فأوحى الله إليه يا أرميا لتكفن عن هذا أو لأردن وجهك في قفاك، قال ثم أوحى الله تعالى إليه قل لهم لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه، فقال إرميا رب أعلمني من هو حتى آتيه وآخد لنفسي وأهل بيتي منه أمانا قال إيت موضع كذا وكذا فانظر إلى غلام أشدهم زماناً وأخبثهم ولادة وأضعفهم جسماً وشرهم غذاء‌اً فهو ذلك، فأتى إرميا ذلك البلد فإذا هو غلام في خان زمن ملقى على مزبلة وسط الخان وإذا له أم تزنى بالكسر وتفت الكسر في القصعة وتحلب عليه خنزيرة لها ثم تدنيه من ذاك الغلام فيأكله، فقال إرميا أن كان في الدنيا الذي وضعه الله فهو هذا، فدنى منه فقال له ما اسمك؟ فقال بخت نصر، فعرفه إنه هو فعالجه حتى برأ ثم قال له تعرفني؟ قال لا أنت رجل صالح، قال أنا إرميا نبي بني إسرائيل، أخبرني الله أنه سيسلطك على بني إسرائيل فتقتل رجالهم وتفعل بهم كذا وكذا، قال فتاه في نفسه في ذاك الوقت ثم قال إرميا اكتب لي كتاباً بأمان منك فكتب له كتاباً، وكان يخرج في الجبل ويحتطب ويدخله المدينة ويبيعه.

فدعا إلى حرب بني إسرائيل فأجابوه وكان مسكنهم في بيت المقدس وأقبل بخت نصر نحو بيت المقدس واجتمع إليه بشر كثير، فلما بلغ إرميا إقباله نحو بيت المقدس استقبله على حمار له ومعه الأمان الذي كتب له بخت نصر فلم يصل إليه إرميا من كثرة جنوده وأصحابه، فصير الأمان على قصبة ورفعها، فقال من أنت؟ فقال أنا إرميا النبي الذي بشرتك بأنك سيسلطك الله على بني إسرائيل وهذا أمانك لي، قال أما أنت فقد أمنتك وأما أهل بيتك فإني ازمى من ها هنا إلى بيت المقدس فإن وصلت رميتي إلى بيت المقدس فلا أمان لهم عندي وإن لم تصل فهم آمنون، وانتزع قوسه ورمى نحو بيت المقدس فحملت الريح النشابة حتى علقتها في بيت المقدس، فقال لا أمان لهم عندي، فلما وافى نظر إلى جبل من تراب وسط المدينة وإذا دم يغلي وسطه كلما ألقي عليه التراب خرج وهو يغلي فقال ما هذا فقالوا هذا؟ دم نبي كان لله فقتله ملوك بني إسرائيل ودمه يغلي وكلما ألقينا عليه التراب خرج يغلي، فقال بخت نصر لأقتلن بني إسرائيل أبداً حتى يسكن هذا الدم وكان ذلك الدم دم يحيى بن زكريا عليه السلام وكان في زمانه ملك جبار يزني بنساء بني إسرائيل وكان يمر بيحيى بن زكريا فقال له يحيى اتق الله أيها الملك، لا يحل لك هذا فقالت له امرأة من اللواتي كان يزني بهن حين سكر " أيها الملك اقتل هذا " فأمر أن يؤتى برأسه فأتوا برأس يحيى عليه السلام في طشت وكان الرأس يكلمه ويقول له يا هذا اتق الله لا يحل لك هذا، ثم غلى الدم في طشت حتى فاض إلى الارض فخرج يغلى ولا يسكن، وكان بين قتل يحيى وبين خروج بخت نصر مأة سنة، ولم يزل بخت نصر يقتلهم وكان يدخل قرية قرية فيقتل الرجال والنساء والصبيان وكل حيوان والدم يغلي ولا يسكن حتى أفناهم، فقال أبقي أحد في هذه البلاد؟ قالوا عجوز في موضع كذا وكذا فبعث إليها فضرب عنقها على الدم فسكن، وكانت آخر من بقي، ثم أتى بابل فبنى بها مدينة وأقام وحفر بئراً فألقى فيها دانيال وألقى معه اللبوة فجعلت اللبوة تأكل من طين البئر ويشرب دانيال لبنها فلبث بذلك زماناً، فأوحى الله إلى النبي الذي كان ببيت المقدس أن اذهب بهذا الطعام والشراب إلى دانيال واقرأه مني السلام، قال: وأين دانيال يارب؟ قال: في بئر ببابل في موضع كذا وكذا قال فأتاه فاطلع في البئر فقال: يا دانيال، فقال: لبيك صوت غريب قال إن ربك يقرؤك السلام وقد بعث إليك بالطعام والشراب فأدلاه إليه فقال دانيال " الحمد لله الذي لا يخيب من دعاه الحمدلله الذي من توكل عليه كفاه الحمدلله الذي لا ينسى من ذكره الحمد لله الذي لا بخيب من دعاه الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره الحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحساناً الحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة الحمد لله الذي يكشف حزننا (ضرنا ط) عند كربتنا الحمد لله الذي هو ثقتنا حين تنقطع الحيل منا الحمد لله الذي هو رجاؤنا حين ساء ظننا بأعمالنا ".

السابقالتالي
2