الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً }

قص قصتهم فقال: { إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً } فقال الصادق عليه السلام: إن أصحاب الكهف والرقيم كانوا في زمن ملك جبار عات وكان يدعو أهل مملكته إلى عبادة الأصنام فمن لم يجبه قتله وكان هؤلاء قوماً مؤمنين يعبدون الله عزَّ وجلَّ ووكل الملك بباب المدينة وكلاء ولم يدع أحداً يخرج حتى يسجد للأصنام فخرج هؤلاء بحيلة الصيد وذلك أنهم مروا براع في طريقهم فدعوه إلى أمرهم فلم يجبهم وكان مع الراعي كلب فأجابهم الكلب وخرج معهم فقال الصادق عليه السلام: فلا يدخل الجنة من البهائم إلا ثلاثة، حمار بلعم بن باعوراء وذئب يوسف وكلب أصحاب الكهف، فخرج أصحاب الكهف من المدينة بحيلة الصيد هرباً من دين ذلك الملك، فلما أمسوا دخلوا ذلك الكهف والكلب معهم فألقى الله عليهم النعاس كما قال الله تعالى فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً، فناموا حتى أهلك الله ذلك الملك وأهل مملكته وذهب ذلك الزمان وجاء زمان آخر وقوم آخرون ثم انتبهوا فقال بعضهم لبعض: كم نمنا ها هنا؟ فنظروا إلى الشمس قد ارتفعت فقالوا: نمنا يوماً أو بعض يوم ثم قالوا لواحد منهم خذ هذا الورق وادخل المدينة متنكراً لا يعرفوك فاشتر لنا طعاماً فإنهم إن علموا بنا وعرفونا يقتلونا أو يردونا في دينهم، فجاء ذلك الرجل فرأى مدينة بخلاف الذي عهدها ورأى قوماً بخلاف أولئك لم يعرفهم ولم يعرفوا لغته ولم يعرف لغتهم، فقالوا له: من أنت ومن أين جئت؟ فأخبرهم فخرج ملك تلك المدينة مع أصحابه والرجل معهم حتى وقفوا على باب الكهف وأقبلوا يتطلعون فيه فقال بعضهم: هؤلاء ثلاثة ورابعهم كلبهم وقال بعضهم: خمسة وسادسهم كلبهم وقال بعضهم: هم سبعة وثامنهم كلبهم وحجبهم الله عزَّ وجلَّ بحجاب من الرعب فلم يكن أحد يقدم بالدخول عليهم غير صاحبهم فإنه لما دخل إليهم وجدهم خائفين أن يكون أصحاب دقيانوس شعروا بهم فأخبرهم صاحبهم أنهم كانوا نائمين هذا الزمن الطويل وأنهم آية للناس فبكوا وسألوا الله تعالى أن يعيدهم إلى مضاجعهم نائمين كما كانوا ثم قال الملك، ينبغي أن نبني ههنا مسجداً ونزوره فإن هؤلاء قوم مؤمنون، فلهم في كل سنة نقلتان ينامون ستة أشهر على جنوبهم اليمنى وستة أشهر على جنوبهم اليسرى والكلب معهم قد بسط ذراعيه بفناء الكهف وذلك قوله: { وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد } أي بالفناء { وكذلك أعثرنا عليهم } وهم الذين ذهبوا إلى باب الكهف.