الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ ٱلْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } * { قَالُواْ تَاللهِ تَفْتَؤُاْ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ ٱلْهَالِكِينَ } * { قَالَ إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ } * { فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا ٱلضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا ٱلْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ } * { قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } * { قَالُوۤاْ أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي قَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَآ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ } * { قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ }

قال فرجع أخوة يوسف إلى أبيهم وتخلف يهودا فدخل على يوسف فكلمه حتى ارتفع الكلام بينه وبين يوسف وغضب وكانت على كتف يهودا شعرة فقامت الشعرة فأقبلت تقذف بالدم وكان لا يسكن حتى يمسه بعض أولاد يعقوب، قال فكان بين يدي يوسف ابن له في يده رمانة من ذهب يلعب بها فلما رأى يوسف أن يهودا قد غضب وقامت الشعرة تقذف بالدم أخذ الرمانة من الصبي ثم دحرجها نحو يهودا وتبعها الصبي ليأخذها فوقعت يده على يهودا فذهب غضبه، قال فارتاب يهودا ورجع الصبي بالرمانة إلى يوسف ثم ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا وقامت الشعرة تقذف بالدم فلما رأى ذلك يوسف دحرج الرمانة نحو يهودا فتبعها الصبي ليأخذها فوقعت يده على يهودا فسكن غضبه وقال إن في البيت لمن ولده يعقوب حتى صنع ذلك ثلاث مرات، فلما رجعوا أخوة يوسف إلى أبيهم وأخبروه بخبر أخيهم قال يعقوب: { بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً إنه هو العليم الحكيم وتولى عنهم وقال يا أسفا على يوسف وابيضت عيناه من الحزن } [83-84] يعني عميت من البكاء { فهو كظيم } أي: مخزون والأسف أشد الحزن وسئل أبو عبد الله عليه السلام ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف؟ قال حزن سبعين ثكلى بأولادها وقال إن يعقوب لم يعرف الاسترجاع ومن هنا قال واأسفا على يوسف فقالوا له: { تالله تفتؤ تذكر يوسف } [85] أي: لا تفتؤ عن ذكر يوسف { حتى تكون حرضاً } أي: ميتاً { أو تكون من الهالكين } فقال: { إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون } [86] حدثني أبي عن حسان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له أخبرني عن يعقوب حين قال لولده { اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه } [87] أكان علم أنه حي وقد فارقه منذ عشرين سنة وذهبت عيناه من البكاء عليه، قال نعم علم إنه حي حتى أنه دعا ربه في السحر أن يهبط عليه ملك الموت فهبط عليه ملك الموت في أطيب رائحة وأحسن صورة فقال له من أنت؟ قال: أنا ملك الموت أليس سألت الله أن ينزلني عليك؟ قال: نعم قال: ما حاجتك يا يعقوب؟ قال له أخبرني عن الأرواح تقبضها جملة أو تفاريقا؟ قال يقبضها أعواني متفرقة ثم تعرض علي مجتمعة؟ قال يعقوب: فأسألك بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب هل عرض عليك في الأرواح روح يوسف فقال لا فعند ذلك علم أنه حي فقال لولده: { اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيئسوا من روح الله إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون } فكتب عزيز مصر إلى يعقوب: أما بعد فهذا ابنك قد اشتريته بثمن بخس دراهم معدودة وهو يوسف واتخذته عبداً وهذا ابنك بنيامين وقد وجدت متاعي عنده واتخذته عبداً، فما ورد على يعقوب شيء أشد عليه من ذلك الكتاب فقال للرسول مكانك حتى أجيبه فكتب إليه يعقوب عليه السلام بسم الله الرحمن الرحيم من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق بن إبراهيم خليل الله أما بعد فقد فهمت كتابك تذكر فيه أنك اشتريت ابني واتخذته عبداً وأن البلاء موكل ببني آدم إن جدي إبراهيم ألقاه نمرود ملك الدنيا في النار فلم يحترق وجعلها الله عليه برداً وسلاماً وإن أبى إسحاق أمر الله تعالى جدي أن يذبحه بيده فلما أراد أن يذبحه فداه الله بكبش عظيم وأنه كان لي ولد لم يكن في الدنيا أحد أحب إلي منه وكان قرة عيني وثمرة فؤادي فأخرجوه أخوته ثم رجعوا إلي وزعموا أن الذئب أكله فأحدودب لذلك ظهري وذهب من كثرة البكاء عليه بصري وكان له أخ من أمه كنت آنس به فخرج مع إخوته إلى ملكك ليمتاروا لنا طعاماً فرجعوا وذكروا أنه سرق صواع الملك وأنك حبسته وإنَّا أهل بيت لا يليق بنا السرق ولا الفاحشة وأنا أسألك بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب إلا ما مننت علي به وتقربت إلى الله ورددته إلي فلما ورد الكتاب على يوسف أخذه ووضعه على وجهه وقبله وبكى بكاء‌اً شديداً ثم نظر إلى إخوته فقال: { هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون فقالوا ء‌انك لأنت يوسف فقال أنا يوسف وهذا أخي قد منَّ الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين } [89-90] فقالوا كما حكى الله عز وجل: { لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين قال لا تثريب عليكم اليوم } [91-92] أي: لا تعيير { يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين } قال: فلما ولي الرسول إلى الملك بكتاب يعقوب رفع يعقوب يديه إلى السماء فقال: " يا حسن الصحبة يا كريم المعونة يا خيراً كله ائتني بروح منك وفرج من عندك " فهبط عليه جبرائيل عليه السلام فقال يعقوب ألا أعلمك دعوات يرد الله عليك بصرك وإبنيك؟ قال: نعم قال قل: " يا من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو يا من شيد (سد ط) السماء بالهواء وكبس الأرض على الماء واختار لنفسه أحسن الأسماء ائتني بروح منك وفرج من عندك " قال: فما انفجر عمود الصبح حتى أوتي بالقميص فطرح عليه فرد الله عليه بصره وولده.

السابقالتالي
2 3