الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلْمَلِكُ إِنِّيۤ أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ } * { قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ ٱلأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ } * { يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّيۤ أَرْجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ } * { قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ } * { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ } * { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } * { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ قَالَ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } * { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ ٱلآنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ ٱلْخَائِنِينَ } * { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ } * { قَالَ ٱجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } * { وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَآءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ }

قال علي بن إبراهيم ثم أن الملك رأى رؤياً فقال لوزرائه إني رأيت في نومي { سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف } [43] أي: مهازيل، ورأيت { سبع سنبلات خضر وأخر يابسات } وقرأ أبو عبد الله عليه السلام سبع سنابل خضر ثم قال: { يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون } فلم يعرفوا تأويل ذلك، فذكر الذي كان على رأس الملك رؤياه التي رآها وذكر يوسف بعد سبع سنين وهو قوله: { وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة } [45] أي: بعد حين { أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون } فجاء إلى يوسف فقال: { أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات } [46] قال يوسف: { تزرعون سبع سنين دأباً } [47] أي: ولاء‌اً { فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون } أي: لا تدوسوه فإنه ينفسد في طول سبع سنين وإذا كان في سنبله لا ينفسد { ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن } [48] أي: سبع سنين مجاعة شديدة يأكلن ما قدمتم لهن في السبع سنين الماضية قال الصادق عليه السلام إنما نزل ما قربتم لهن { ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون } [49] أي: يمطرون، وقال أبو عبد الله عليه السلام قرأ رجل على أمير المؤمنين عليه السلام ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون قال ويحك أي شيء يعصرون أيعصرون الخمر؟ قال الرجل يا أمير المؤمنين كيف اقرؤها؟ قال: إنما نزلت { عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون } أي: يمطرون بعد سنين المجاعة والدليل على ذلك قوله: { وأنزلنا من المعصرات ماء‌اً ثجاجاً } فرجع الرجل إلى الملك فأخبره بما قال يوسف فقال الملك: { إئتوني به فلما جاء‌ه الرسول قال ارجع إلى ربك } [50] يعني: إلى الملك { فسئله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم } فجمع الملك النسوة فقال لهن: { ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين } [51-52] أي: لا أكذب عليه الآن كما كذبت عليه من قبل ثم قالت: { وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء } [53] أي: تأمر بالسوء فقال الملك { ائتوني به أستخلصه لنفسي } [54] فلما نظر إلى يوسف { قال إنك اليوم لدينا مكين أمين } سل حاجتك { قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم } [55] يعني: على الكناديج والأنابير فجعله عليها وهو قوله: { وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوء منها حيث يشاء } [56] فأمر يوسف أن يبني كناديج من صخر وطينها بالكلس ثم أمر بزروع مصر فحصدت ودفع إلى كل إنسان حصته وترك الباقي في سنبله لم يدسه؛ فوضعها في الكناديج ففعل ذلك سبع سنين فلما جاء سني الجدب فكان يخرج السنبل فيبيع بما شاء، وكان بينه وبين أبيه ثمانية عشر يوماً وكانوا في بادية وكان الناس من الآفاق يخرجون إلى مصر ليمتاروا طعاماً وكان يعقوب وولده نزولاً في بادية فيه مقل فأخذ أخوة يوسف من ذلك المقل وحملوه إلى مصر ليمتاروا به وكان يوسف يتولى البيع بنفسه.