الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَٱسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ } * { قَالُواْ يٰصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَـٰذَا أَتَنْهَانَآ أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ }

أما قوله: { وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب } إلى قوله: { وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب } فإن الله تبارك وتعالى بعث صالحاً إلى ثمود وهو ابن ست عشر سنة لا يجيبوه إلى خير وكان لهم سبعون صنماً يعبدونها من دون الله فلما رأى ذلك منهم قال لهم يا قوم بعثت إليكم وأنا ابن ست عشر سنة وقد بلغت عشرين ومائة سنة وأنا أعرض عليكم إمرين إن شئتم فاسألوني مهما أردتم حتى أسأل إلهي فيجيبكم وإن شئتم سألت آلهتكم فإن أجابتني خرجت عنكم، فقالوا انصفت فامهلنا فأقبلوا يتعبدون ثلاثة أيام ويتمسحون بالأصنام ويذبحون لها وأخرجوها إلى سفح الجبل وأقبلوا يتضرعون إليها، فلما كان اليوم الثالث قال لهم صالح عليه السلام قد طال هذا الأمر فقالوا له سل من شئت؛ فدنا إلى أكبر صنم لهم، فقال ما اسمك؟ فلم يجبه، فقال لهم: ما له لا يجيبني؟ قالوا له تنح عنه فتنحى عنه وأقبلوا إليه ووضعوا على رؤوسهم التراب وضجوا وقالوا فضحتنا ونكست رؤوسنا وقال صالح قد ذهب النهار، فقالوا سله فدنا منه فكلمه فلم يجبه فبكوا وتضرعوا حتى فعلوا ذلك ثلاث مرات فلم يجبهم بشيء، فقالوا إن هذا لا يجيبك ولكنا نسأل إلهك، فقال لهم سلوا ما شئتم فقالوا سله أن يخرج لنا من هذا الجبل ناقة حمراء شقراء عشراء أي: حاملة تضرب بمنكبيها طرفي الجبلين وتلقى فصيلها من ساعتها وتدر لبنا، فقال صالح إن الذي سألتموني عندي عظيم وعند الله هين، فقام وصلى ركعتين ثم سجد وتضرع إلى الله فما رفع رأسه حتى تصدع الجبل وسمعوا له دوياً شديداً ففزعوا منه وكادوا أن يموتوا منه فطلع رأس الناقة وهي تجتر فلما خرجت ألقت فصيلها ودرت لبنها فبهتوا وقالوا قد علمنا يا صالح أن ربك أعز وأقدر من آلهتنا التي نعبدها.

وكان لقريتهم ماء وهي الحجر التي ذكرها الله تعالى في كتابه وهو قوله: { كذب أصحاب الحجر المرسلين } فقال لهم صالح لهذه الناقة شرب أي تشرب ماء‌كم يوماً وتدر لبنها عليكم يوماً وهو قوله عزوجل: { لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم } فكانت تشرب ماء‌هم يوماً وإذا كان من الغد وقفت وسط قريتهم فلا يبقى في القرية أحد إلا حلب منها حاجته وكان فيهم تسعة من رؤسائهم كما ذكر الله في سورة النمل: { وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون } فعقروا الناقة ورموها حتى قتلوها وقتلوا الفصيل فلما عقروا الناقة قالوا لصالح { ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين }.