الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } * { وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } * { وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ }

قوله: { وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون } فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال بقي نوح في قومه ثلاثمائة سنة يدعوهم إلى الله فلم يجيبوه فهم أن يدعو عليهم، فوافاه عند طلوع الشمس إثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة سماء الدنيا وهم العظماء من الملائكة، فقال لهم نوح من أنتم؟ فقالوا نحن اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة سماء الدنيا وأن مسيرة غلظ سماء الدنيا خمسمائة عام ومن سماء الدنيا إلى الدنيا مسيرة خمسمائة عام وخرجنا (أخرجنا الله ك) عند طلوع الشمس ووافيناك في هذا الوقت فنسألك أن لا تدعو على قومك، فقال نوح قد أجلتهم ثلاثمائة سنة، فلما أتى عليهم ستمائة سنة ولم يؤمنوا هم أن يدعو عليهم فوافاه اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الثانية فقال نوح من أنتم قالوا: نحن إثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الثانية وغلظ السماء الثانية مسيرة خمسمائة عام خرجنا عند طلوع الشمس ووافيناك ضحوة نسألك أن لا تدعو على قومك فقال نوح قد أجلتهم ثلاثمائة سنة.

فلما أتى عليهم تسعمائة سنة هم أن يدعو عليهم فأنزل الله عز وجل { أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون } فقال نوح: { رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً } فأمره الله أن يغرس النخل فكان قومه يمرون به فيسخرون منه ويستهزؤن به ويقولون شيخ قد أتى له تسعمائة سنة يغرس النخل وكانوا يرمونه بالحجارة فلما أتى لذلك خمسون سنة وبلغ النخل واستحكم أمر بقطعه فسخروا منه وقالوا بلغ النخل مبلغه وهو قوله: { وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون } فأمره الله أن ينحت السفينة وأمر جبرائيل أن ينزل عليه ويعلمه كيف يتخذها فقدر طولها في الأرض ألفاً ومائتي ذراع وعرضها ثمانمائة ذراع، وطولها في السماء ثمانون ذراعاً فقال يا رب من يعينني على اتخاذها؟ فأوحى الله إليه نادِ في قومك من أعانني عليها ونجر منها شيئاً صار ما ينجره ذهباً وفضة، فنادى نوح فيهم بذلك فأعانوه عليها وكانوا يسخرون منه ويقولون ينحت سفينة في البر.

قال: حدثني أبي عن صفوان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال لما أراد الله عز وجل هلاك قوم نوح عقم أرحام النساء أربعين سنة فلم يولد فيهم مولود فلما فرغ نوح من اتخاذ السفينة أمره الله أن ينادي بالسريانية لا يبقى بهيمة ولا حيوان إلا حضر، فأدخل من كل جنس من أجناس الحيوان زوجين في السفينة وكان الذين آمنوا به من جميع الدنيا ثمانين رجلاً.