الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } * { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } * { وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا } * { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } * { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } * { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ } * { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } * { وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }

القراءة: في بعض الروايات عن الكسائي { خيراً يره وشراً يره } بضم الياء فيهما وهي رواية أبان عن عاصم أيضاً وهي قراءة علي ع والباقون يره بفتح الياء في الموضعين إلا أن أبا جعفر وروحاً ورويساً قرؤوا بضم الهاء ضمة مختلسة غيرمشبعة. الحجة: قال أبو علي: من قرأ يُره جعل الفعل منقولاً من رأيت زيداً إذا أدركته ببصرك وأريته عمراً وبنى الفعل للمفعول ومن قرأ يره فالتقدير ير جزاءه واثبات الواو في يرهو بعد الهاء هو الوجه كما تقول أكرمهو لأن هذه الهاء يتبعها حرف اللين الواو والياء إذا كان قبلها كسرة أو ياء نحو بهي وعليهي وقد جاء في الشعر نحوه قاله
وَنَضْـوايَ مُشْتاقـان لَـهْ أَرِقــانِ   
اللغة: الزلزلة شدة الاضطراب والزلزال بكسر الزاي المصدر وبفتحها الاسم وزلزلت ورجفت ورجت بمعنى واحد والأثقال جمع الثقل وسمى سبحانه الموتى أثقالاً تشبيهاً بالحمل الذي يكون في البطن لأن الحمل سمي ثقلاً كما قال سبحانه فلما أثقلت وتقول العرب: إن للسيد الشجاع ثقلاً على الأرض فإذا مات سقط عنها بموته ثقل قالت الخنساء ترثي أخاها صخراً:
أَبَعْد ابْنِ عَمْرٍو مِنْ آلِ الشََّرِيدِ   حَلَّـتْ بِــهِ الأَرْضُ أَثْقالَهـا
عنت بذلك أنه حلّ عن الأرض ثقل بموته لسؤدده وعزه. وقيل: معناه زينت موتاها به من الحلية وقال الشمردل اليربوعي يرثي أخاه:
وَحَلَّتْ بِهِ أَثَقْالَهَا الأَرْضُ وَانْتَهى   لِمَثْــواهُ مِنْها وَهْــوَ عَفٌّ شَمائِلُه
وذكر ابن السائب أن زهير بن أبي سلمى قال بيتاً ثم أكدى فمرَّ به النابغة الذبياني فقال له يا أبا أمامة أجز قال ماذا قال:
تَزالُ الأَرْضُ إمّا مِتَّ خِفّاً   وَتَحْيـا ما حَيَيْتَ بِها ثَقِيلا
نَزَلْـــتَ بِمُسْتَقَرِّ الْعِزِّ مِنْها   
فماذا قال فأكدى والله النابغة الذبياني وأقبل كعب بن زهير وهو غلام فقال له أبوه أجز يا بني قال ماذا فأنشده فقال كعب:
فَتَمْنَــعُ جانِبَهْــا أَنْ تَزُولا   
فقال له زهير: أنت والله ابني وأوحى ووحى بمعنى واحد قال العجاج:
وَحــى الْقَــرار فَأَسْتَقَــرَّتِ   
الإعراب: العامل في إذا قوله { فمن يعمل مثقال ذرة } وقوله { خيراً } منصوب على التمييز. وقيل: إن العامل في إذا قوله { تحدث أخبارها } ويكون يومئذ تكراراً أي إذا زلزلت الأرض تحدث أخبارها. وقيل: إن التقدير وقال الإنسان يومئذ ما لها يومئذ تحدث أخبارها فقيل ذلك بأن ربك أوحى لها وتحدث يجوز أن يكون على الخطاب أي تحدث أنت ويجوز أن يكون على تحدث هي. المعنى: خوَّف الله سبحانه عباده أهوال يوم القيامة فقال { إذا زلزلت الأرض زلزالها } أي إذا حركت الأرض تحريكاً شديداً لقيام الساعة زلزالها الذي كتب عليها ويمكن أن يكون إنما أضافها إلى الأرض لأنها تعمّ جميع الأرض بخلاف الزلازل المعهودة التي تختص ببعض الأرض فيكون في قوله زلزالها تنبيهاً على شدتها.

السابقالتالي
2 3