الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ } * { رَسُولٌ مِّنَ ٱللَّهِ يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً } * { فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } * { وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ } * { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَوْلَـٰئِكَ هُمْ شَرُّ ٱلْبَرِيَّةِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ ٱلْبَرِيَّةِ } * { جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رِّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }

القراءة: قرأ نافع وابن ذكوان البريئة مهموزة والباقون بغير همزة. الحجة: قال أبو علي البريئة من برأ الله الخلق فالقياس فيه الهمز إلا أنه مما ترك همزه كقولهم النبي والذرية والخابية فالهمزة فيه كالرد إلى الأصل المتروك في الاستعمال كما أن همز النبي كذلك وترك الهمز أجود لأنه لما ترك فيه الهمز صار كرده إلى الأصول المرفوضة مثل ظننوا وهَمْزُ من هَمَزَ البريئة يدل على فساد قول من قال إنه من البري الذي هو التراب. اللغة: الانفكاك الانفصال عن شدة اتصال قال ذو الرمة:
قَلائِــصُ ما تَنْفَــكُ إلاَّ مُناخَــــةً   عَلَى الْخَسْفِ أَوْ نَرْمِي بِها بَلَداً قَفْرا
وأكثر ما يستعمل ذلك في النفي مثل ما زال تقول ما انفك من هذا الأمر أي ما انفصل منه لشدة ملابسته له والبينة الحجة الظاهرة التي يتميز بها الحق من الباطل وأصلها من البينونة وفصل الشيء من غيره فالنبي صلى الله عليه وسلم حجة وبينة وإقامة الشهادة العادلة بينة وكل برهان ودلالة بينة والقيمة المستمرة في جهة الصواب والحنيف المائل إلى الصواب والحق والحنيفية الشريعة المائلة إلى الحق وأصله الميل ومن ذلك الأحنف المائل القدم إلى جهة القدم الأخرى. وقيل: أصله الاستقامة وإنما قيل للمائل القدم أحنف على وجه التفاؤل. الإعراب: رسول من الله بدل من البينة قبله وقال الفراء: هو مستأنف تقديره هو رسول دين القيمة تقديره دين لملة القيمة لأنه إذا لم يقدر ذلك كان إضافة الشيء إلى صفته وذلك غير جائز لأنه بمنزلة إضافة الشيء إلى نفسه جزاؤهم عند ربهم جنات عدن أي دخول جنات عدن خالدين فيها حال من مضمر أي يجزونها خالدين فيها. المعنى: { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب } يعني اليهود والنصارى { والمشركين } أي ومن المشركين الذين هم عبدة الأوثان من العرب وغيرهم وهم الذين ليس لهم كتاب { منفكين } أي منفصلين وزائلين. وقيل: لم يكونوا منتهين عن كفرهم بالله وعبادتهم غير الله عن ابن عباس في رواية عطاء والكلبي. { حتى تأتيهم } اللفظ لفظ الاستقبال ومعناه المضي كقولهما تتلو الشياطين } [البقرة: 102] أي ما تلت وقوله { البينة } يريد محمداً صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس ومقاتل بيَّن سبحانه لهم ضلالهم وشركهم وهذا إخبار من الله تعالى عن الكفار أنهم لم ينتهوا عن كفرهم وشركهم بالله حتى أتاهم محمد صلى الله عليه وسلم فبيَّن لهم ضلالهم عن الحق ودعاهم إلى الإيمان. وقيل: معناه لم يكونوا ليتركوا منفكين من حجج الله حتى تأتيهم البينة التي تقوم بها الحجة عليهم. وقوله: { رسول من الله } بيان للبينة وتفسير لها أي رسول من قبل الله { يتلو } عليهم { صحفاً مطهرة } يعني مطهرة في السماء لا يمسّها إلا الملائكة المطهرون ومن الأنجاس عن الحسن والجبائي وهو محمد صلى الله عليه وسلم أتاهم بالقرآن ودعاهم إلى التوحيد والإيمان.

السابقالتالي
2 3