الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ } * { وَطُورِ سِينِينَ } * { وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ } * { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } * { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } * { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِٱلدِّينِ } * { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَاكِمِينَ }

اللغة: التقويم تصيير الشيء على ما ينبغي أن يكون عليه من التأليف والتعديل يقال قوَّمه فاستقام وتقوم. المعنى: { والتين والزيتون } أقسم الله سبحانه بالتين الذي يؤكل والزيتون الذي يعصر منه الزيت عن ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وقتادة وهو الظاهر وإنما أقسم بالتين لأنه فاكهة مخلصة من شائب التنغيص وفيه أعظم عبرة لأنه عزَّ اسمه جعلها على مقدار اللقمة وهيَّأها على تلك الصفة إنعاماً على عباده بها وقد روى أبو ذر " عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في التين: " لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه هي لأن فاكهة الجنة بلا عجم فكلوها فإنها تقطع البواسير وتنفع من النفوس " " وأما الزيتون فإنه يعتصر منه الزيت الذي يدور في أكثر الأطعمة وهو أدام والتين طعام فيه منافع كثيرة. وقيل: التين الجبل الذي عليه دمشق والزيتون الجبل الذي عليه بيت المقدس عن قتادة. وقال عكرمة: هما جبلان وإنما سميا لأنهما ينبتان بهما. وقيل: التين مسجد دمشق والزيتون بيت المقدس عن كعب الأحبار وعبد الرحمن بن غنيم وابن زيد. وقيل: التين مسجد نوح الذي بني على الجودي والزيتون بيت المقدس عن ابن عباس. وقيل: التين المسجد الحرام والزيتون الأقصى عن الضحاك. { وطور سينين } يعني الجبل الذي كلَّم الله عليه موسى عن الحسن وسينين وسيناء واحد. وقيل: إن سينين معناه المبارك الحسن وكأنه قيل جبل الخير الكثير لأنه إضافة تعريف عن مجاهد وقتادة. وقيل: معناه كثير النبات والشجر عن عكرمة. وقيل: إن كل جبل فيه شجر مثمر فهو سينين بلغة النبط عن مقاتل قال عمرو بن ميمون: سمعت عمر بن الخطاب يقرأ بمكة في المغرب والتين والزيتون وطور سيناء قال فظننت أنه إنما قرأها ليعلم حرمة البلد وروي ذلك عن موسى بن جعفر ع أيضاً. { وهذا البلد الأمين } يعني مكة البلد الحرام يأمن فيه الخائف في الجاهلية والإِسلام فالأمين يعني المؤمن من يدخله. وقيل: بمعنى الأمن ويؤيده قولهإنا جعلنا حرماً آمناً } [العنكبوت: 67] قال الشاعر:
أَلَمْ تَعْلَمي يا أَسْمَ وَيْحَكِ أَنَّنِي   حَلَفْـتُ يَمِينـاً لا أَخُونُ أَمِيني
يريد آمني { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } هذا جواب القسم وأراد جنس الإِنسان وهو آدم وذريته خلقهم الله في أحسن صورة عن إبراهيم ومجاهد وقتادة. وقيل: في أحسن تقويم أي منتصب القامة وسائر الحيوان مكبّ على وجهه إلا الإِنسان عن ابن عباس. وقيل: أراد أنه خلقهم على كمال في أنفسهم واعتدال في جوارحهم وأبانهم عن غيرهم بالنطق والتمييز والتدبير إلى غير ذلك مما يختص به الإنسان وفي ذلك إشارة أيضاً إلى حال الشباب. { ثم رددناه أسفل سافلين } يريد إلى الخوف وأرذل العمر ونقصان العقل والسافلون هم الضعفاء والزمنى والأطفال والشيخ الكبير أسفل هؤلاء جميعاً عن ابن عباس وإبراهيم وقتادة.

السابقالتالي
2 3