الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } * { وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } * { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } * { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ } * { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ } * { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } * { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ } * { وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ } * { وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ } * { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ } * { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ } * { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ } * { وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ } * { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } * { لاَ يَصْلَٰهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى } * { ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى } * { ٱلَّذِى يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ } * { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ } * { إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ } * { وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ }

القراءة: في الشواذ قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وقراءة علي بن أبي طالب ع وابن مسعود وأبي الدرداء وابن عباس { والنهار إذا تجلى } و { خلق الذكر والأنثى } بغير ما وروي ذلك عن أبي عبد الله ع. الحجة: قال ابن جني: في هذه القراءة شاهد لما أخبرنا به أبو بكر عن أبي العباس أحمد بن يحيى قراءة بعضهم { وما خلق الذكر والأنثى } بالجرّ وذلك أنه جرّه لكونه بدلاً من ما فقراءة النبي صلى الله عليه وسلم شاهد بصحة ذلك. اللغة: شتى أي متفرق على تباعد ما بين الشيئين جداً ومنه شتان أي بعد ما بينهما كبعد ما بين الثرى والثريا وتشتت أمر القوم وشتتهم رب الزمان واليسرى تأنيث الأيسر والعسرى تأنيث الأعسر من اليسر والعسر والتلظي تلهب النار بشدة الإيقاد وتلظت النار تتلظى فحذف إحدى التاءين تخفيفاً وقرأ ابن كثير تلظى بتشديد التاء أدغم إحدى التاءين في الأخرى والتجنب تصيير الشيء في جانب من غيره. الإعراب: وما خلق الذكر والأنثى أن جعلت ما مصدرية فهو في موضع الجر والتقدير وخلق الذكر أي وخلقه الذكر والأنثى وأن جعلتها بمعنى من فكذلك والحسنى صفة حذف موصوفها أي وصدق بالخصلة الحسنى وكذا اليسرى والعسرى. التقدير فيهما للطريقة اليسرى وللطريقة العسرى ويتزكى في موضع نصب على الحال ويجوز أن يكون منصوب الموضع أو مرفوعاً على تقدير حذف أن أي لأن يتزكى فحذف اللام فصار أن يتزكى ثم حذف أن أيضاً كما في قول طرفة:
أَلا أَيُّهذَا الزّاجِري أَحْضُر الْوَغى   وَأَنْ أَشْهَـدَ اللَّذاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدي
روي أحضر بالرفع والنصب وما لأحد عنده من نعمة تجزى من نعمة الجار والمجرور في موضع رفع ومن مزيدة لتأكيد النفي وإفادة العموم وتجزى جملة مجرورة الموضع لكونها صفة لنعمة والتقدير من نعمة مجزية وإن شئت كانت مرفوعة الموضع على محل كونه من نعمة والتقدير وما لأحد عنده نعمة مجزية وابتغاء منصوب لأنه مفعول له والعامل فيه يؤتى أي وما يؤتي ماله إلا ابتغاء وجه ربه أي لطلب ثواب ربه ولم يفعل ذلك مجازاة ليد قد أسديت إليه. المعنى: { والليل إذا يغشى } أقسم الله سبحانه بالليل إذا يغشى بظلمته النهار. وقيل: إذا يغشى بظلمته الأفق وجميع ما بين السماء والأرض والمعنى إذا أظلم وادلهمَّ وأغشى الأنام بالظلام لما في ذلك من الهول المحرك للنفس بالاستعظام { والنهار إذا تجلى } أي بان وظهر من بين الظلمة وفيه أعظم النعم إذ لو كان الدهر كله ظلاماً لما أمكن الخلق طلب معايشهم ولو كان ذلك كله ضياء لما انتفعوا بسكونهم وراحتهم فلذلك كرَّر سبحانه ذكر الليل والنهار في السورتين لعظم قدرهما في باب الدلالة على مواقع حكمته.

السابقالتالي
2 3 4