الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا } * { وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا } * { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا } * { وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } * { وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا } * { وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا } * { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } * { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } * { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } * { وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } * { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ } * { إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَاهَا } * { فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ نَاقَةَ ٱللَّهِ وَسُقْيَاهَا } * { فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا } * { وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا }

القراءة: قرأ أهل المدينة وابن عامر فلا يخاف بالفاء وكذلك هو في مصاحف أهل المدينة والشام وروي ذلك عن أبي عبد الله ع والباقون ولا يخاف بالواو وكذلك هو في مصاحفهم. الحجة: قال أبو علي: الواو يجوز أن يكون في موضع حال أي فسواها غير خائف عقباها يعني غير خائف أن يتعقب عليه في شيء مما فعله وفاعل يخاف الضمير العائد إلى قوله { ربهم }. وقيل: إن الضمير يعود إلى صالح النبي صلى الله عليه وسلم الذي أرسل إليهم. وقيل: إذا انبعث أشقاها وهو لا يخاف عقباها أي لا يخاف من أقدامه على ما أتاه مما نهى عنه ففاعل يخاف العاقر على هذا والفاء للعطف على قوله { فكذبوه فعقروها } فلا يخاف كأنه يتبع تكذيبهم وعقرهم إن لم يخوفوا. اللغة: ضحى الشمس صدر وقت طلوعها وضحى النهار صدر وقت كونه وأضحى يفعل كذا إذا فعله في وقت الضحى وضحى بكبش أو غيره إذا ذبحه في وقت الضحى من أيام الأضحى ثم كثر ذلك حتى لو ذبح في غير ذلك الوقت لقيل ضحى والطحو والدحو بمعنى يقال طحا بك همّك يطحو طحوا إذاً انبسط بك إلى مذهب بعيد قال علقمة:
طَحـا بِـكَ قَلْـبٌ فِي الْحِسـانِ طَـرُوبٌ   
يقال طحا القوم بعضهم بعضاً عن الشيء إذا دفعوا دفعاً شديد الانبساط والطواحي النسور تنبسط حول القتلى وأصل الطحو البسط الواسع يقال دسا فلان يدسو دسواً فهو داس نقيض زكا يزكو زكاً فهو زاك. وقيل: إن أصل دسا دسس فأبدل من أحد السينين ياء كما قالوا تظنيت بمعنى تظننت ومثله:
تَقَضَّـى الْبـازِيَ إذَا البـازِي كَسَــرْ   
بمعنى تقضض وإنما يفعلون ذلك كراهية التضعيف والطغوى والطغيان مجاوزة الحد في الفساد وبلوغ غايته وفي قراءة الحسن وحماد بن مسلمة بطغويها بضم الطاء وعلى هذا فيكون مصدراً على فعلى كالرجعى والحسنى وبعث مطاوع انبعث يقال بعثته على الأمر فانبعث له والسقيا الحظ من الماء والنصيب منه والعقر قطع اللحم بما يسيل الدم وهو من عقر الحوض أي أصله والعقر نقص شيء من أصل بنية الحيوان والدمدمة ترديد الحال المستكره وهي مضاعفة ما فيه الشقة وقال مؤرج الدمدمة هلاك باستئصال قال ابن الأعرابي: دمدم أي عذب عذاباً تاماً. الإعراب: والشمس هذه الواو الأولى هي التي للقسم وسائر الواوات فيما بعدها عطف عليها إلى قوله { قد أفلح من زكاها } وهو جواب القسم والتقدير لقد أفلح وقوله وما بناها وما طحاها وما سواها ما ها هنا مصدرية وتقديره والسماء وبنائها والأرض وطحواها ونفس وتسويتها. وقيل: إن ما في هذه المواضع بمعنى مَنْ أي والذي بناها ويحكى عن أهل الحجاز أنهم يقولون إذا سمعوا صوت الرعد سبحان ما سبحت له أي سبحان الذي سبحت له ومن سبحت له وقوله { ناقة الله وسقياها } منصوب بفعل مضمر أي احذروا ناقة الله وذروا سقياها.

السابقالتالي
2 3 4