الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ } * { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

اللغة: النصح إخلاص العمل من الغش والحمل إعطاء المركوب من فرس أو بعير أو غير ذلك تقول حمله يحمله حملاً إذا أعطاه ما يحمل عليه قال:
أَلا فَتى عِنْدَهُ خُفَّانِ يَحْمِلُنــي   عَلَيْهِما إنّني شَيْخٌ عَلى سَفَرِ
والفيض الجري عن امتلاء من قولهم فاض الإِناء بما فيه والحزن ألم في القلب بفوت أمر مأخوذ من حزن الأَرض وهي الأرض الغليظة المسلك. الإِعراب: حزناً نصب لأَنه مفعول له أي يبكون للحزن ولا يجدوا منصوب بأن وموضع أن لا يجدوا نصب تقديره لأَن لا يجدوا حذف الجار فوصل الفعل. النزول: قيل إن الآية الأولى نزلت في عبد الله بن زائدة وهو ابن أم مكتوم وكان ضرير البصر جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله إني شيخ ضرير خفيف الحال نحيف الجسم وليس لي قائد فهل لي رخصة في التخلف عن الجهاد فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله الآية عن الضحاك. وقيل: نزلت في عائذ بن عمرو وأصحابه عن قتادة والآية الثانية نزلت في البكائين وهم سبعة نفر منهم عبد الرحمن بن كعب وعتبة بن زيد وعمرو بن غنمة وهؤلاء من بني النجار وسالم بن عمير وهرم بن عبد الله وعبد الله بن عمرو بن عوف وعبد الله بن معقل من مزينة جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله أحملنا فإنه ليس لنا ما نخرج عليه فقال: " لا أجد ما أحملكم عليه " عن أبي حمزة الثمالي. وقيل: نزلت في سبعة نفر من قبائل شتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له: إحملنا على الخفاف والبغال عن محمد بن كعب وابن إسحاق. وقيل: كانوا جماعة من مزينة عن مجاهد. وقيل: كانوا سبعة من فقراء الأَنصار فلما بكوا حمل عثمان منهم رجلين والعباس بن عبد المطلب رجلين ويامين بن كعب النضري ثلاثة عن الواقدي قال وكان الناس بتبوك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين ألفاً منهم عشرة آلاف فارس. المعنى: ثم ذكر سبحانه أهل العذر فقال: { ليس على الضعفاء } وهم الذين قوتهم ناقصة بالزمانة والعجز عن ابن عباس. وقيل: هم الذين لا يقدرون على الخروج { ولا على المرضى } وهم أصحاب العلل المانعة من الخروج { ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون } يعني من ليست معه نفقة الخروج وآلة السفر { حرج } أي ضيق وجناح في التخلف وترك الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا نصحوا لله ورسوله } بأن يخلصوا العمل من الغش. ثم قال سبحانه { ما على المحسنين من سبيل } أي ليس على من فعل الحسن الجميل في التخلف عن الجهاد طريق للتقريع في الدنيا والعذاب في الآخرة.

السابقالتالي
2