الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَٱحْصُرُوهُمْ وَٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ٱسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ }

اللغة: الانسلاخ خروج الشيء مما لابسه وأصله من سلخ الشاة وهو نزع الجلد عنها وسلخنا شهر كذا نسلخه سَلْخا وسلوخاً والحصر المنع من الخروج عن محيط والحَصر والحبس الأسر نظائر والمرصد الطريق ومثله المرقب والمربأ ورَصَده يَرصدُه رَصْداً. الإعراب: قال أبو الحسن الأخفش: قوله { كل مرصد } المعنى على كل مرصد فحذفت على أنشد:
نُغالِي اللَّحْمَ لِلأَضْيافِ نَيّـاً   وَنَرْخُصُـهُ إذا نَضَجَ القُدُورُ
المعنى: نغالي باللحم فحذفت الباء. قال الزجاج: كل مرصد ظرف كقولك ذهبت مذهباً وذهبت طريقاً وذهبت كل طريق قال أبو علي: لا يحتاج في هذا إلى تقدير على إذا كان المرصد اسماً للمكان كما أنك إذا قلت ذهبت مذهباً ودخلت مدخلاً إذا جعلت المذهب والمدخل اسمين للمكان لم يحتج إلى عَلى ولا إلى تقدير حرف جرّ إلا أن أبا الحسن ذهب إلى أن المرصد اسم للطريق وإذا كان اسماً للطريق كان مخصوصاً وإذا كان مخصوصاً وجب أن لا يصل الفعل الذي لا يتعدى إليه إلا بحرف جر نحو قعدت على الطريق إلا أن يجيء في ذلك اتساع نحو ما حكاه سيبويه من قولهم ذهبت لشام ودخلت البيت، وقد غلط أبو إسحاق الزجاج قي قوله { كل مرصد } ظرف كقولك ذهبت مذهباً وذهبت طريقاً في أن جعل الطريق ظرْفاً كالمذهب وليس الطريق بظرف لأنه مكان مخصوص وقد نصَّ سيبويه على اختصاصه ألا ترى أنه حمل قول ساعدة:
لَدْنٌ بِهَزِّ الكَفِّ يَعْسِلُ مَتْنُـــــهُ   فِيهِ كَما عَسَلَ الطَّريقَ الثَّعْلَبُ
على أنه قد حذف منه الحرف اتساعاً كما حذف من ذهبت الشام وإذا أثبت ذلك فالمرصد مثله أيضاً في الاختصاص وأن لا يكون ظرفاً إذا كان اسماً للطريق. وقولـه: { أحد } فإعرابه أنه مرفوع بفعل مضمر الذي ظهر تفسيره، المعنى وإن استجارك أحد. قال الزجاج: ومن زعم أنه يرفع أحداً بالابتداء فقد أخطأ لأن إن الجزاء لا يتخطى ما يرفع بالابتداء ويعمل فيما بعده فلو أظهرت المستقبل لقلت: إن أحد يَقُم أكرِمْه ولا يجوز أن أحد يقم زيد يقم لا يجوز أن يرفع زيد بفعل مضمر الذي ظهر تفسيره ويجزم وإنما جاز في أن لأن أن يلزمها الفعل وجواب الجزاء يكون بالفعل وغيره ولا يجوز أن تضمر وتجزم بعد المبتدأ لأنك تقول ها هنا إنْ تأتني فزيد يقوم فالموضع موضع ابتداء. قال أبو علي: اعلم أن جواب الشرط وإن كان بغير الفعل فالأصل فيه الفعل والفاء وإذا واقعان موقع الفعل بدلالة أن قوله { ويذرهم } على قراءة من قرأ بالجزم فمحمول على الموضع من قوله { فلا هادي له } وأما قول أبي إسحاق لا يجوز أن تضمر وتجزم بعد المبتدأ ولعمري أنه لا يجوز أن يضمر الفعل فيرفع الاسم الذي يرتفع بالابتداء بالفعل المضمر في نحو قولك إن تأتني فزيد يقوم لأن الجزم لا يقع بعد المبتدأ ولكن لا يمتنع أن يقع الجزم بعد الفاعل في الجزاء كما يقع في الشرط لأن الجزاء موضع فعل كما أن الشرط موضع فعل فالمسألة التي منع أبو إسحاق إجازتها جائزة لا إشكال في جوازها وهي قولـه إن يقم أحد زيد يقم وقد نصَّ سيبويه على إجازة ذلك قال.

السابقالتالي
2 3