الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

القراءة: قرأ عاصم والكسائي ويعقوب وسهل { عزير } منونا والباقون { عزير ابن الله } بغير تنوين وقرأ عاصم وحده { يضاهئون } وقرأ الباقون يضاهون بغير الهمزة. الحجة: قال أبو علي: من نوَّن عزيراً جعله مبتدأ وجعل ابناً خبره وإذا كان كذلك فلا بدَّ من إثبات التنوين في حال السعة والاختيار لأن عزيراً ونحوه ينصرف عجمياً كان أو عربياً وأما من حذف التنوين فإنه حذفه على وجهين: أحدهما: أنه جعل الصفة والموصوف بمنزلة اسم واحد كما جعلهما كذلك في قولـه لا رجل ظريف وحذف التنوين ولم يحرّك لالتقاء الساكنين كما يحرّك لكثرة الاستعمال ولا يجوز إثبات التنوين في هذا الباب إذا كان صفة وإن كان الأَصل لأَنهم جعلوا من الأُصول المرفوضة كما أن إظهار الأَول من المثلين في نحو ظنوا لا يجوز في الكلام فإذا كانا بمنزلة اسم مفرد والمفرد لا يكون جملة مستقلة بنفسها مفيدة في هذا النحو فلا بدَّ من إضمار جزء آخر يقدر انضمامه إليه ليتمّ جملة ويجعله الظاهر إما مبتدأ أو خبر مبتدأ فيكون التقدير صاحبنا أو نبينا عزير ابن الله إن قدرت المضمر المبتدأ وإن قدرت بعكس ذلك جاز فهذا أحد الوجهين والوجه الآخر أن لا تجعلهما اسماً واحداً ولكن يجعل الأَول من الاسمين المبتدأ والآخر الخبر فيكون المعنى فيه على هذا كالمعنى في إثبات التنوين وتكون القراءتان متفقتين إلا أنك حذفت التنوين لالتقاء الساكنين وعلى هذا ما يروي من قراءة بعضهم أحد الله الصمد فحذف التنوين لالتقاء الساكنين وقد جاء ذلك في الشعر كثيراً قال الشاعر:
حُمَيْــــدُ الَّــــذي أَمَــــجٌ دارُهُ   أَخُو الخَمْر ذوُ الشَّيْبَةِ الأَصْلَعُ
وقال:
" وحاتم الطَّائيّ وَهَّابُ المِئي "   
فأما يضاهئون فقد قال الزجاج أصل المضاهاة المشابهة والأَكثر ترك الهمزة واشتقاقه من قولهم امرأة ضهياء وهي التي لا ينبت لها ثدي. وقيل: هي التي لا تحيض ومعناها أنها قد أشبهت الرجال في أنه لا ثدي لها وكذلك إذا لم تحض وضهياء فعلاء الهمزة زائدة كما زيدت في شمأل وغرقئ البيض ولا نعلم الهمزة زيدت غير أول إلا في هذه الأَشياء ويجوز أن يكون فَعْيَلاً وإن كانت بنية ليس لها في الكلام نظير قال أبو علي: ليس قولـه { يضاهئون } من امرأة ضهياء لأَن هذه الهمزة زائدة غير أصلية وليس بفعيل لأنه لو كان إياه لكان مكسور الصدر وإنما أدخله في هذا ما رامه من اشتقاق يضاهئون وقد يجوز أن تجئ الكلمة من غير مشتقة وذلك أكثر من أن يحصى. اللغة: الحبر العالم الذي صنعته تحبير المعاني بحسن البيان عنها وهو الحبرَ والحِبر بفتح الحاء وكسرها والرهبان جمع الراهب وهو الخاشي الذي يظهر عليه لباس الخشية وقد كثر استعماله على متنسكي النصارى.

السابقالتالي
2