الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ } * { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ ٱنصَرَفُواْ صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } * { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ }

القراءة: قرأ أولا ترون بالتاء حمزة ويعقوب وهي قراءة أبي والقراءة المشهورة من أنفُسِكم بضم الفاء وقرأ ابن عباس وابن علية وابن محيصن والزهري من أنفَسِكم بفتح الفاء. وقيل: إنها قراءة فاطمة " ع ". الحجة: من قرأ بالتاء فهو خطاب للمؤمنين ومن قرأ بالياء فهو تقريع للمنافقين بالإعراض عما يجب أن لا يعرضوا عنه من التوبة والإقلاع عمّا هم عليه من النفاق ومن قرأ { من أنفسِكم } بفتح الفاء فمعناه من أشرفكم ومن خياركم يقال هذا أنفس المتاع أي أجوده وخياره واشتقاقه من النفس وهي أشرف ما في الإنسان. اللغة: العزيز الشديد والعزيز في صفات الله تعالى معناه المنيع القادر الذي لا يتعذر عليه فعل ما يريده والعزة امتناع الشيء بما يتعذر معه ما يحاول منه وهو على ثلاثة أوجه امتناع الشيء بالقدرة أو بالقلة أو بالصعوبة والعنت لقاء الشدة والأذى الذي يضيق به الصدر وعَنت الدابة يعنَت عَنَتاً إذا حدث في قوائمه كسر بعد جبر لا يمكنه معه الجري فكأنه شقَّ عليه الجري وأكمة عنوت شاقة المصعد وحسبي الله أي كافي الله وهو من الحساب لأنه تعالى يعطي بحسب الكفاية التي تغني عن غيره ويزيد من نعمه ما لا يبلغ إلى حد ونهاية إذ نعمه دائمة ومننه متواترة متظاهرة والتوكل تفويض الأمر إلى الله على الثقة بحسن تدبيره وكفايته. الإعراب: { أولا يرون } الواو للعطف دخلت عليها همزة الاستفهام ويحتمل الرؤية أن تكون المتعدية إلى مفعولين وأن تكون من رؤية العين فإذا كانت المتعدية إلى المفعولين يسدّان مسدهما وإن كانت من رؤية العين يكون أبلغ ما عنتُّم ما مصدرية وتقديره عزيز عليه عنتكم فهو في موضع رفع بعزيز وقوله لا إله إلا هو جملة في موضع الحال وتقديره حسبي الله مستحقاً لإخلاص العبادة والإقرار بالوحدانية وجرّ القراء كلهم { العظيم } على أنه صفة العرش ولو قرئ بالرفع على أن يكون صفة لرب العرش لجاز. المعنى: ثم نبَّه سبحانه على إعراض المنافقين عن النظر والتدبر لما ينبغي أن ينظروا ويتدبروا فيه فقال { أولا يرون } أي أولا يعلم هؤلاء المنافقون. وقيل: معناه أولا يبصرون { أنهم يفتنون } أي يمتحنون { في كل عام مرة أو مرتين } أي دفعة أو دفعتين بالأمراض والأوجاع وهو رائد الموت { ثم لا يتوبون } أي لا يرجعون عن كفرهم { ولا هم يذكرون } أي لا يتذكرون نعم الله عليهم. وقيل: يمتحنون بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يرون من نصرة الله رسوله وما ينال أعداؤه من القتل والسبي عن ابن عباس والحسن. وقيل: بالقحط والجوع عن مجاهد. وقيل: بهتك استارهم وما يظهر من خبث سرائرهم عن مقاتل.

السابقالتالي
2 3