الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوۤاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ } * { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـٰذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ }

اللغة: التفقه تعلم الفقه والفقه العلم بالشيء وفي حديث سلمان أنه قال لامرأة فقهت أي علمتُ وفهمت فأما فقهت بضم القاف فمعناه صارت فقيهة وقد اختص في العرف بعلم الأحكام الشرعية فيقال: لكل عالم بها فقيه. وقيل: الفقه: فهم المعاني المستنبطة ولذلك لا يقال الله سبحانه فقيه والحذر تجنب الشيء بما فيه من المضرة قال الزجاج: يقال غلظة وغُلظة وغِلظة ثلاث لغات قال أبو الحسن قراءة الناس بالكسر وهي العربية والمراد بالمرض في الآية الشك فإنه فساد في القلب يحتاج إلى العلاج كما أن الفساد في البدن يحتاج إلى مداواة ومرض القلب أعضل وعلاجه أعسر ودواؤه أعز وأطباؤه أقل. الإعراب: لولا نفر بمعنى هلا نفر وهي للتخصيص إذا دخلت على الفعل فإذا دخلت على الاسم فمعناها امتناع الشيء لأجل وجود غيره، ليتفقَّهوا أي ليتفقه باقوهم لأنه إذا نفر طائفة منهم تفقه من بقي منهم وإن شئت فمعناه ليتفقه كلهم لأنه من نفر منهم إذا رجع استعلم من بقي فصار كلهم فقهاء وهم يستبشرون جملة في موضع الحال وكذلك قولـه { وهم كافرون }. النزول: قيل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج غازياً لم يتخلف عنه إلا المنافقون والمعذرون فلما أنزل الله تعالى عيوب المنافقين وبيَّن نفاقهم في غزاة تبوك قال المؤمنون: والله لا نتخلف عن غزاة يغزوها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سرية أبداً فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسرايا إلى الغزو نفر المسلمون جميعاً وتركوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحده فأنزل الله سبحانه { وما كان المؤمنون لينفروا } الآية عن ابن عباس في رواية الكلبي. وقيل: إنها نزلت في ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا في البوادي فأصابوا من الناس معروفاً وخصا ودعوا من وجدوا من الناس على الهدى فقال الناس وما نراكم إلا وقد تركتم صاحبكم وجئتمونا فوجدوا في أنفسهم في ذلك حرجاً وأقبلوا كلهم من البادية حتى دخلوا حتى دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل هذه الآية عن مجاهد. المعنى: لمّا تقدم الترغيب في الجهاد بأبلغ أسباب الترغيب وتأنيب من تخلف عنه بأبلغ أسباب التأنيب بيَّن في هذه الآية موضع الرخصة في تأخر من تأخر عنه فقال سبحانه { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } وهذا نفي معناه النهي أي ليس للمؤمنين أن ينفروا ويخرجوا إلى الجهاد بأجمعهم ويتركوا النبي صلى الله عليه وسلم فريداً وحيداً. وقيل: معناه ليس عليهم أن ينفروا كلهم من بلادهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليتعلموا الدين ويضيعوا ما وراءهم ويخلُوا ديارهم عن الجبائي.

السابقالتالي
2 3