الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر { إن صلاتك } وفي هود أصلاتك على التوحيد وقرأ الباقون أن صلواتك أصلواتك على الجمع. الحجة: قال أبو علي الصلاة في اللغة الدعاء قال الأَعشى في الخمر:
وَقابَلَهَا الرِّيحُ فِي دَنِّها   وَصَلَّى على دَنِّها وَارْتَسَمْ
فكان معنى صَلِّ عليهم ادع لهم فإن دعاءك لهم تسكن إليه نفوسهم وتطيب به فأما قولهم صلى الله على رسوله وملائكته فلا يقال فيه: إنه دعاء لهم من الله تعالى كما لا يقال في نحوويل للمطففين } [المطففين: 1] ونحوه أنه دعاء عليهم ولكن المعني فيه أن هؤلاء ممن يستحق عندكم أن يقال فيهم هذا النحو من الكلام وكذلك قولـه { بل عجبت } ويُسخرون فيمن ضم الياء وهذا مذهب سيبويه فإذا كانت الصلاة مصدراً وقع على الجمع والمفرد على لفظ واحد كصوت الحمير فإذا اختلف جاز أن يجمع لاختلاف ضروبه كما قال:إن أنكر الأَصوات } [لقمان: 19] فأما من زعم أن الصلاة أولى لأَن الصلاة للكثرة والصلوات للقليل فلم يكن قولـه متجهاً لأن الجمع بالتاء قد يقع على الكثير كما يقع على القليل كقولـه:وهم في الغرفات آمنون } [سبأ: 37] وقولـه:إن المسلمين والمسلمات } [الأحزاب: 35] وقولـهإن المصدقين والمصدقات } [الحديد: 18] فقد يقع هذا الجمع على الكثير كما يقع على القليل. الإِعراب: قولـه { تطهّرهم } إنما ارتفع لأَحد أمرين إما أن يكون صفة لصدقة ويكون التاء للتأنيث ويكون قوله { بها } للتبيين ويكون التقدير صدقة مطهرة وإما أن يكون التاء خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم والتقدير فإنك تطهّرهم بها فتكون صفة لصدقة أيضاً ويكون الضمير في بها للصدقة الموصوفة وأما { وتزكّيهم } فلا يكون إلا للخطاب. وقيل: إن تطهرهم يجوز أن يكون على الاستئناف وحمله على الاتصال أولى. المعنى: ثم خاطب سبحانه النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بأخذ الصدقة من أموالهم تطهيراً لهم وتكفيراً لسيئاتهم فقال { خذ } يا محمد { من أموالهم } أدخل مِنْ للتبعيض لأَنه لم يجب أن يصدق بالجميع وإنما قال { من أموالهم } ولم يقل من مالهم حتى يشتمل على أجناس المال كلها وهذا يدل على وجوب الأَخذ من سائر أموال المسلمين لاستوائهم في أحكام الدين إلا ما خصَّه الدليل { صدقة } قيل أراد بها الأَمر بأن يأخذ الصدقة من أموال هؤلاء التائبين تشديداً للتكليف وليست بالصدقة المفروضة بل هي على سبيل الكفارة للذنوب التي أصابوها عن الحسن وغيره. وقيل: أراد بها الزكاة المفروضة عن الجبائي وأكثر أهل التفسير وهو الظاهر لأَن حمله على الخصوص بغير دليل لا وجه له فيكون أمراًَ بأن يأخذ من المالكين للنصاب الزكاة من الورق إذا بلغ مائتي درهم ومن الذهب إذا بلغ عشرين مثقالاً ومن الإِبل إذا بلغت خمساً ومن البقر إذا بلغت ثلاثين ومن الغنم إذا بلغت أربعين ومن الغلات والثمار إذا بلغت خمسة أو ستة.

السابقالتالي
2 3